السبت 19 أبريل 2025

  • القسم الرئيسي : العراق .
        • القسم الفرعي : منوعات .
              • الموضوع : الإمام علي (ع) مقاومة المارقين والقاسطين .

الإمام علي (ع) مقاومة المارقين والقاسطين




 الحاج ابو عدي البدري

 

أنهى الإمام (ع) مقاومة المارقين، فشمر عن ساعديه لاستئناف قتال القاسطين في الشام بعد أن فشل التحكيم عند اللقاء الثاني بين الحكمين .

وقد أمر الإمام (ع) بتعبئة جيشه، وأعلن حالة الحرب لتصفية قوى القاسطين البغاة التي يقودها معاوية، وجاء إعلان الحرب من خلال خطبة لأمير المؤمنين (ع) خطبها في الكوفة - عاصمة الدولة الاسلامية - فضمنها دعوته للجهاد :

«الجهاد، الجهاد عباد الله ، ألا وإني معسكر في يومي هذا، فمن أراد الرواح إلى الله فليخرج ! » (١) .

ثم بادر الإمام (ع) إلى عقد ألوية الحرب، فعقد للحسين راية، ولأبي أيوب الأنصاري أخرى، ولقيس بن سعد ثالثة .

وبينما كان أمير المؤمنين يواصل تعبئة قواته من أجل أن ينهي حركة البغي التي يقودها معاوية في بلاد الشام، كان يجري في الخفاء تخطيط لنيم من أجل اغتيال الإمام (ع).

فقد كان جماعة من الخصوم قد عقدوا اجتماعاً في مكة المكرمة وتداولوا في أمر حركتهم ، التي انتهت إلى أوخم العواقب.

- نهج البلاغة / خطبة رقم ۱۸۲

فخرجوا بقرارات كان أخطرها قرار اغتيال أمير المؤمنين (ع) ، وقد أوكل أمر تنفيذه للمجرم الأثيم (عبد الرحمن بن ملجم المرادي)، وفى ساعة من أخرج الساعات التى يمر بها الاسلام والمسيرة الاسلامية، وبينما كانت الأمة تطلع إلى النصر على عناصر البغى والفرقة التي يقودها معاوية بن أبى سفيان امتدت يد الأثيم المرادي إلى على (ع) فضرب الإمام (ع) بسيفه وهو في سجوده عند صلاة الفجر، وفى مسجد الكوفة الشريف، وذلك فى صبيحة اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك عام ٤٠ هجرية.

لقد أغتيل الإمام (ع) وهو في أفضل ساعة قائماً بين يدي الله في صلاة خاشعة، وفي أشرف الأيام إذ كان يؤدي صوم شهر رمضان .

ثم هو (ع) في أعظم تكليف اسلامي، حيث كان في طريقه لخوض غمار حرب جهادية، كما كان في بقعة من أشرف بقاع الله وأطهرها (مسجد الكوفة) .

فطوبى لعلي وحسن مآب .

لكن جريمة قتل علي (ع) تبقى أشرس جريمة وأكثرها فظاعة ووحشية ، لأنها جريمة لم تستهدف رجلاً كباقي الرجال، إنما استهدفت القيادة الاسلامية الراشدة بعد رسول الله (ص).

واستهدفت كذلك اغتيال رسالة، وتأريخ، وحضارة، وأمة كلها تتمثل في شخص علي أمير المؤمنين (ع).

وبهذا خسرت الأمة الاسلامية مسيرة وحضارة، وأروع فرصة وأطهرها في حياتها بعد رسول الله (ص).
ولقد بقى الإمام على (ع) يعاني من علته ثلاثة أيام. عهد خلالها بالإمامة إلى ولده الحسن السبط (ع) ليمارس بعده مسؤولياته في قيادة الأمة الفكرية والاجتماعية.

وكان (ع) طوال الأيام الثلاثة - كما كان طول حياته - لهجاً بذكر انه والثناء عليه والرضا بقضائه، والتسليم لأمره، كما كان يصدر الوصية تلو الوصية، والتوجيه الحكيم إثر التوجيه، مرشداً للخير، دالاً على المعروف. محدداً سُبل الهدى، مبيناً طريق النجاة، داعياً لإقامة حدود الله تعالى وحفظها ، محذراً من الهوى والنكوص عن حمل الرسالة الإلهية .

وهذه واحدة من وصاياه بهذ الشأن، مخاطباً بها الحسن والحسين سبطي رسول الله (ص) وأهل بيته وأجيال الأمة :

«أوصيكما يتقوى الله ، وألا تبغيا الدُّنيا وإنْ بَغَتْكُما، ولا تأسفا على شيء منها زُوِيَ عنكما ، وقولا بالحقِّ، وأعملا للأجر، وكونا للظالم خضماً وللمظلوم عوناً .

أوصيكم، وجميع ولدي وأهلي ومَنْ بَلَغَهُ كتابي، بتقوى الله ، ونَظْمِ أمركم، وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما (ص) يقول : (صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام).

الله الله في الأيتام، فلا تُغِبوا أفواههم، ولا يضيعوا بحضرتكم .

الله الله في جيرانكم ، فإنهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم ، حتى ظننا أنَّه سَيُوَرِّتُهُم .

الله الله في القرآن، لا يسبقكم بالعمل به غيركم .
الله الله في الصلاة، فإنها عمود دينكم.

الله الله في بيت ربكم، لا تخلوهُ ما بقيتم، فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُناظروا .

الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفُسِكُم وَالسِنَتِكُم في سبيل الله .

وعليكم بالتواصل والتبادل، وإياكم والتدابر والتقاطع، لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عَنِ المُنكَرِ، فَيُوَلَّى عليكم شرارُ كُم، ثمَّ تَدْعُونَ فَلا يُسْتَجَابُ لكم.

ثم قال : يا بني عبد المطلب! لا أَلْفِيَنَّكُم تخوضونَ دِماء المسلمينَ خَوْضاً ، تقولون : (قتل أمير المؤمنين ) ، ألا لا تَقْتُلُنَّ بي إلا قاتلي .

أنظروا إذا أنا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هذه، فاضربوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ، ولا تُمَتِّلُوا بالرجل ، فإنّي سمعت رسول الله (ص) يقول : ( إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور ) » (1) .

وهكذا كانت النهاية المؤلمة لهذا الرجل العظيم.

فلقد كانت خسارةُ الرِّسالة والأُمَّةِ بِفَقْدِهِ مِن أفدح الخسائر التي أصيبت
بها الأمة بعد رسول الله (ص).

فَبِمَوتِ علي (ع) فَقَدَتِ الأُمِّةُ :

بطولةً غَدَتْ أنشودة للزمان.
وشجاعة ما حلم التأريخ بمثلها .

1 - نهج البلاغة / خطبة رقم ٤٧ .

وحكمة لا يعلم بعدها إلا الله .


وطهراً ما أكتسى به غير الأنبياء


وزهداً في الدُّنيا ما بَلَغَهُ إِلَّا المقربون .

وبلاغة كأنما هي رجع صدى لكتاب الله .

وفقهاً وعِلْماً وتضلُّعاً في أحكام الرسالة رشحته لأن يكون باب مدينة علم الرسول (ص) ومرجعاً للأمة الاسلامية في جميع شؤونها .

فسلام على أمير المؤمنين علي يوم ولد، ويوم قضى شهيداً في محرابه، ويوم يُبعثُ حَيّاً .

.


  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2025/03/20  | |  القرّاء : 95




عين شاهد
15 قسم
9061 موضوع
2004100 تصفح
الرئيسية
من نحن
إتصل بنا
العراق
السياسية
الأمنية
الإقتصادية
الرياضية
المحلية
كاريكاتير
العراق
صورة وخبر
الصحة
الأسرة والطفل
منوعات
دراسات و بحوث
أقسام أخرى
العالم
مقالات
تقارير
أرشيف
تابعونا





جميع الحقوق محفوظة © 2021 - 2025 تنفيذ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net