
حسام الحاج حسين ||
مدير مركز الذاكرة الفيلية
لطالما لعبت الموارد الطبيعية دوراً حاسماً في تشكيل الديناميكيات الجيوسياسية، حيث أدى توزيعها غير المتكافئ إلى تعزيز إما الصراع أو التعاون بين الشعوب عبر التاريخ..!
وربما لا نتحدث هنا عن صراع بين دولتين ذات سيادة وحدود وجغرافية لا بل نتحدث عن دولة واحدة وشعب واحد تجمعهم الجغرافية والتاريخ والهوية الوطنية الواحدة . لكن يمكن ان تفرقهم النعرات الطائفية والقومية والسياسية .
السؤال المهم كيف حول الأستعمار مسألة الطوائف والأقليات في الشرق الأوسط الى منتجات ثانوية لأستمرار الهيمنة والأمبريالية .؟
حيث أفرزت الحقائق الحديثة والتي تشكّلت على إثرها نظرة المجتمعات الشرق اوسطية ومنها العراق لذاتها القومية والطائفية ونجمت عنها تقسيمات عرقية واجتماعية مُخترعة بالكامل.
بحثت أدوات الهيمنة عن تقسيم غير الدين . وتوصل الجميع على ان ايقاض النزعة العرقية والطائفية والقومية يمكن ان يؤدي هذا التقسيم إلى خفض منسوب التهديد الذي تشكلة الوحدة في مواجهة الهيمنة الغربية .
ومع أنهم ربما لم يفهموا النقاط الدقيقة في الفقه الأسلامي الذي يدعو للوحدة وليس للتفرقة ،
إلا أنّ الغربيين كانوا يعرفون حق المعرفة كم سيكون من المفيد (عرقنة الإسلام ) ويعني تطويع النصوص الدينية لصالح الأعراق .
حيث يتمسك الجميع بتقديم الطائفة والقومية على الأسلام باي حال من الاحوال! في خضم هذه التفاعلات السلبية يجب على المثقفين والنخب العراقية ان يعيدوا قراءة التاريخ من جديد بشكل جيد،
لان حاضرهم من رحم ماضيهم ، وعليهم ان يعلموا ايضا ان المستقبل وليد الحاضر ، ان ما حدث ويحدث في الشرق الأوسط لم يكن من قبيل الصدفة؛ بل هو نتيجة مخطط مدروس يتطور ويتأقلم مع المتغيرات التي تشهدها المنطقة، وان وظيفة اسرائيل هو برج للمراقبة من اجل التدخل السريع لمواجهة أي محاولة تضر بالمصالح الإمريكية والغربية .
كما ان الهدف الأسمى للدولة العبرية هو التفوق على المحيط .
وبغض النظر عما إذا كانت “إسرائيل” تسعى حقيقة للوصول إلى هذا الهدف الاستراتيجي، المتمثل في إقامة “إسرائيل الكبرى” على المدى المنظور، أو الاستراتيجي،
فإن سعيها لضمان التفوق على محيطها أمر تعمل عليه ليل نهار. ولا يمكن لها الوصول الى هذا الهدف الا باشعال الحروب الجغرافية بين المكونات والطوائف في الدول المحيطة وعلى رأسها سوريا والعراق .
ولا نستغرب من ارتفاع منسوب الأنفصال والأقلمة و الفيدرالية لدى الطوائف والقوميات بعد معركة طوفان الأقصى وسقوط النظام البعثي في سوريا .
لان المرحلة المقبلة ستكون صناعة الدويلات وبناء الكانتونات الطائفية والعرقية من اجل التفوق الإسرائيلي على المكونات في منطقة الشرق الأوسط ..!