
د. محسن حنون العكيلي
منذ سنوات، يحاول بعض الأدوات المأجورة، التي تعمل وفق أجندات خارجية، تصوير العراق كدولة ضعيفة مهددة بالانهيار، وأن النظام السياسي القائم على شفا حفرة من التغيير بفعل تدخل أمريكي محتمل. هذه الادعاءات لا تعدو كونها أوهامًا وأحلام يقظة يروج لها بعض الباحثين المأجورين والسياسيين الفاشلين، الذين فقدوا كل اتصال بالواقع العراقي المتماسك. العراق اليوم أقوى من أي وقت مضى، عسكريًا، وأمنيًا، وسياسيًا، ودينيًا، واجتماعيًا، وهو في مرحلة ازدهار لم يشهدها منذ عقود.
أولًا: القوة الأمنية والعسكرية العراقية
العراق اليوم يمتلك قوة أمنية وعسكرية رصينة، جعلته دولة قادرة على الدفاع عن سيادتها وحماية أمنها الداخلي من أي تهديد. القوات المسلحة العراقية، بمختلف صنوفها، من الجيش العراقي الباسل، والشرطة الاتحادية، وقوات مكافحة الإرهاب، أثبتت قدرتها في محاربة الإرهاب والقضاء على تنظيم “داعش” الذي زرعته أمريكا لإضعاف المنطقة.
أما الحشد الشعبي، فهو اليوم عمود أساسي في المنظومة الأمنية العراقية، وليس مجرد قوة إضافية. هذه المؤسسة العقائدية، التي تأسست بفتوى المرجعية الدينية العليا، باتت اليوم قوة ضاربة، تمتلك تجهيزات حديثة، وخبرات قتالية عالية، وتحظى بشرعية قانونية ودستورية، وهو ما يجعل أي محاولة لتشويه صورته ضربًا من الوهم.
ثانيًا: المرجعية الدينية في النجف الأشرف
إحدى أهم عوامل قوة العراق اليوم هي المرجعية الدينية في النجف الأشرف، التي تمثل صمام أمان للعراق وشعبه. هذه المرجعية، التي قادت العراق في أحلك الظروف، سواء عبر فتوى الجهاد الكفائي التي حمت البلاد من الإرهاب، أو من خلال مواقفها الثابتة ضد التدخلات الأجنبية، تشكل اليوم عنصر توازن في العملية السياسية، وتمتلك احترامًا محليًا ودوليًا.
أي حديث عن انهيار النظام السياسي في العراق، أو تلميحات حول تغييره بأجندات خارجية، يتجاهل تمامًا تأثير المرجعية التي تقف سدًا منيعًا ضد أي محاولة لزعزعة الاستقرار.
ثالثًا: العراق بين الحرب الإعلامية ومحاولات التأثير النفسي
بين الحين والآخر، يطل علينا بعض الأصوات النشاز التي تحاول بث اليأس والخوف في نفوس العراقيين، عبر ادعاءات بأن العراق مهدد، وأن أمريكا بصدد تنفيذ خطة جديدة لتغيير النظام السياسي. ومن بين هذه الأسماء نجد أشخاصًا مثل:
• عدنان الزرفي، الذي يحاول دائمًا الترويج لفكرة أن العراق بحاجة إلى تدخلات أمريكية لحل أزماته، متجاهلًا حقيقة أن كل أزمة اقتصادية أو سياسية في البلاد، هي نتيجة مباشرة لسياسات واشنطن التخريبية.
• مصطفى الكاظمي، الذي لعب دورًا في تسهيل التغلغل الأمريكي داخل العراق خلال فترة حكمه، ويحاول اليوم تسويق نفسه كبديل سياسي يخدم الأجندات الغربية.
• فائق الشيخ علي، المعروف بتصريحاته العدائية ضد القوى الوطنية العراقية، والذي لم يكن يومًا سوى بوق للإعلام الغربي، يروج للعلمانية المتطرفة، ويحاول التقليل من شأن المرجعية الدينية والحشد الشعبي.
هؤلاء، ومعهم بعض الإعلاميين الذين يعملون في قنوات ممولة من الخارج، يسعون لخلق أجواء من القلق المصطنع، وتصوير العراق وكأنه دولة ضعيفة تحتاج إلى وصاية أجنبية، وهو أمر مرفوض تمامًا من قبل الشعب العراقي الواعي.
رابعًا: دور الإعلام الصفراء في تضليل الرأي العام
لا يمكن فصل هذه الحملة النفسية عن الدور الذي تلعبه بعض وسائل الإعلام الصفراء، التي تموّلها جهات خارجية مرتبطة بالمخابرات الأمريكية والصهيونية. هذه القنوات، التي تفتح أبوابها لمثل هؤلاء المرتزقة، لا تسعى إلا إلى نشر الفوضى الفكرية، وضرب ثقة المواطن العراقي بحكومته وقواته الأمنية.
لكن رغم كل ذلك، يبقى الشعب العراقي واعيًا لكل هذه المخططات، ولم يعد يتأثر بهذه الأصوات المأجورة. إن الشعب الذي أسقط المؤامرات الأمريكية مرارًا، وهزم الإرهاب، وصمد في وجه الحصار والتحديات، لن يكون لقمة سائغة في أفواه الخونة.
الخاتمة: العراق قوي وسيبقى كذلك
الحقيقة التي يحاول البعض إنكارها هي أن العراق اليوم في أقوى مراحله، يمتلك جيشًا قويًا، وقوى أمنية رصينة، وحشدًا شعبيًا مقدسًا، ومرجعية دينية حكيمة، وشعبًا واعيًا. من يظن أن أمريكا قادرة على تغيير النظام السياسي، أو أن العراق سينهار أمام مؤامرات الخارج، فهو لا يعرف العراق ولا شعبه. هذه مجرد أوهام لن تتحقق، وسيسقط أصحابها كما سقط غيرهم من العملاء والمرتزقة الذين لفظهم التاريخ.