
ضياء ابو معارج الدراجي ||
في عالم السياسة العراقية، هناك نوع جديد من الجيوش، ليس لها دبابات ولا طائرات، بل حسابات وهمية وصور رمزية لذباب إلكتروني يتغذى على الريتويت المدفوع! قائد هذه الجحافل ليس سوى الجنرال “فائق الشيخ علي”، الذي يلوح بسيفه المصنوع من التغريدات، محاولًا إسقاط الدولة العراقية، وكأن العراق لعبة “جينغا” يمكن إسقاطها بتغريدة محشوة بالسخرية والشتائم.
أما جنوده فهم مجرد خوارزميات مبرمجة على التطبيل وإعادة النشر، وأحيانًا ينسون تبديل الصياغة، فتظهر التغريدات بنفس الأخطاء الإملائية المضحكة، وكأن الجيش كله يعاني من “ديسلكسيا رقمية”!
وعندما يسأل أحدهم عن خطته الحقيقية، يكون الرد دائمًا: “بعد قليل، سنعلن عن مفاجأة مدوية!”، وهي مفاجأة لا تأتي أبدًا، تمامًا كما لم تأتِ الديمقراطية المثالية التي وعد بها العراق منذ أن تعلم التغريد!
لكن هذه المرة، وجد الشيخ فائق دعمًا من الخارج، حيث ظهر فجأة نائب أمريكي يدعى “جون ولسون”، يهدد ويتوعد بلهجة الرجل الذي نسي أين وضع نظارته، ويزعم أن “الحكومة العراقية ستسقط قريبًا”، مستندًا إلى معلومات حصل عليها من مصدر موثوق جدًا: حساب في موقع X يحمل اسم “الثعلب العراقي”!
ولسون هذا ليس سوى هاتف سياسي متنقل، يعمل بنظام الدفع المسبق، فإذا توقف التمويل، تراه يختفي كما يختفي الرصيد عند إجراء مكالمة طويلة مع إحدى شركات الاتصالات!
وفي الجهة الأخرى، لدينا السيد مشعان الجبوري، الرجل الذي يشارك فائق حلم إسقاط الدولة، لكنه يختلف معه في “طريقة الإسقاط”!
أحدهما يريد تفكيك العراق بتغريدات إلكترونية، والآخر يفضل سياسة “التفاوض مقابل المجهول”، وكأنهما يتناقشان حول وصفة جديدة لتحضير “الباچة العراقية”!
أما أمريكا، فتعيش حلمها الخاص بانهيار اقتصادي قادم، حيث الرئيس ترامب لم يعد سوى صوت مرتفع، يستخدمه النظام لترهيب العالم كي يدفع المزيد من الأموال.
فالرجل الذي قال إنه لن يخوض حروبًا جديدة، بات الآن مثل بائع التأمينات، يهدد الجميع بالخطر الوهمي، فقط ليجبرهم على الدفع مقدمًا!
دول الخليج، كالعادة، تدفع الفاتورة خوفًا من “الذئب الأمريكي”، والعراق يُستخدم كوقود إعلامي في لعبة سياسية تافهة، بينما الشعب الأمريكي، الذي يمول هذه المسرحية، يتساءل: “لماذا لا نستثمر هذه الأموال في تحسين طرقاتنا بدلًا من رشوتنا للسياسيين الفاشلين في الشرق الأوسط؟”
وهكذا، يبقى العراق شامخًا رغم مؤامرات الفاشلين، ويبقى فائق وجيشه الوهمي يغردون في الفراغ، بينما ولسون يبحث عن رصيد جديد ليكمل تصريحاته المدفوعة، ومشعان الجبوري ينتظر اللحظة المناسبة ليقول: “أنا مع العراق، لكنني ضد الحكومة، لكنني أيضًا مع المعارضة، لكنني كذلك محايد!”…
فيا له من مشهد كوميدي بائس!
ضياء ابو معارج الدراجي