
كتب / إنتصار الماهود
العلاقات بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية في بغداد معقدة ومتقلبة، وتتأثر بعدة عوامل سياسية واقتصادية وأمنية. هناك فترات من التفاهم والتعاون، وأخرى من التوتر والخلافات ودائما ما كانت العلاقات معرضة للتخوين والتخويف من قبل ساسة الإقليم و حكومته .
فالعلاقة ما بين مد المصالح وجزر المتطلبات متأرجحة.
إن القائمين على الحكم في شمال العراق يتعاملون مع بغداد بعلاقة الند للند وليست علاقة الجزء بالكل وهذا ما أثر على التفاهمات بخصوص الملفات العالقة بينهما وهي ( ملف النفط، الموازنة، المادة 140، المجرمين الهاربين، المنافذ الحدودية وغيرها).
يمكن تلخيص طبيعة هذه العلاقة في النقاط التالية:
1. الخلافات حول الموازنة وعوائد النفط:
أحد أكبر التحديات بين الطرفين هو توزيع عائدات النفط والموازنة المالية.
بغداد ترى أن النفط المُستخرج من كوردستان يجب أن يُدار من قبل الحكومة الاتحادية وهو الطبيعي ، بينما تسعى أربيل للاحتفاظ بإدارة مواردها وهي تطالب بذات الوقت بغداد بحصة أكبر من إستحقاقها من الموازنة .
غالبًا ما تحدث أزمات عندما تتأخر بغداد في إرسال حصة الإقليم من الموازنة، ما يؤدي إلى مشاكل اقتصادية في كوردستان وهنا نطرح سؤالا مهما أين تذهب أموال النفط وأين تذهب موارد السياحة والمنافذ الحدودية؟؟؟؟.
2. الملفات الأمنية والعسكرية:
هناك تعاون في بعض الملفات، مثل مواجهة الإرهاب، ولكن هناك خلافات حول انتشار القوات في المناطق المتنازع عليها، مثل كركوك وسنجار.
قوات البيشمركة تعمل بالتنسيق مع الجيش العراقي حسب مزاجها بخصوص الملفات ااأمنية ، لكن هناك توترات حول دمجها أو توزيع السيطرة على بعض المناطق فالقائمون على وزارة البيش مرگة يرفضون الإندماج بالجيش العراقي أو حتى تسجيل الأعداد الرسمية لهم والأدهى والأمر أن تجهيزهم وتسليحهم يتم بواسطة إتفاقيات أمنية مشتركة مع الجانب الأمريكي دون العودة لبغداد لأخذ موافقتها ومن جانب آخر مضحك أن ذات الجهات تطالب بحل الحشد الشعبي وليس دمجه (يا لمهازل القدر).
3. المادة 140 والمناطق المتنازع عليها:
المادة 140 من الدستور العراقي تنص على تطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها مثل كركوك ونينوى وديالى، ثم إجراء استفتاء لتحديد تبعيتها.
هذه القضية لم تُحسم بعد، وغالبًا ما تكون مصدر توتر بين بغداد وأربيل فأربيل حاولت ومنذ عام 2010 بافيبر الوضع الديموغرافي لتلك المناطق من خلال شراء منازل و إسكان عوائل كوردية من خارج تلك المناطق فيها بل وصل بهم الأمر وهذا الى إستقطاب الأكراد السوريون الى شمال العراق وإعطاؤهم أوراق ثبوتية بأنهم مواطنون عراقيون أكراد ولازال الكثير .
4. العلاقات السياسية والتفاهمات الحزبية:
الأحزاب الكوردية تلعب دورًا في المشهد السياسي العراقي، وغالبًا ما تدخل في تحالفات مع الأحزاب الشيعية أو السنية حسب المصلحة.
والآن نلاحظ أن العلاقات السياسية بين الاحزاب الكوردية أصبحت متشظية وهنالك إنشقاقات في داخلها وتصارع على المغانم والمصالح وبدأت سلطة الحزبين الحاكمين تضعف ببروز أحزاب جديدة معارضة لهما و تظهر خلافات بين القوى الكوردية نفسها حول كيفية التعامل مع بغداد .
5. العلاقات الإقليمية والدولية:
إقليم كوردستان يتمتع بعلاقات دولية قوية ، خاصة مع تركيا وأمريكا وأوروبا، وهذا يسبب أحيانًا توترات مع بغداد التي تسعى إلى فرض سيادتها على السياسة الخارجية ونرى بوضوح أن الكورد قد بنوا دولة عميقة بداخل الدولة وسيطروا على وزارة الخارجية بشكل كامل وبغداد شبه فاقدة للسيطرة عليها .
تركيا لها مصالح اقتصادية ونفطية في الإقليم، بينما بغداد تحاول ضبط هذا التأثير.
6. الوضع القانوني والدستوري:
إقليم كوردستان يتمتع بحكم ذاتي وفق الدستور العراقي (2005)، لكنه يسعى أحيانًا لتوسيع صلاحياته، بينما تسعى بغداد إلى فرض سلطتها المركزية بشكل أكبر.
استفتاء الاستقلال عام 2017 كان نقطة تحول في العلاقة، حيث رفضت بغداد نتيجته وفرضت إجراءات ضد الإقليم وهو الذي كان يجب أن يستمر ضد التمرد الذي حصل .
ختامت إن العلاقة بين بغداد وأربيل قائمة على التفاوض الدائم والحل السياسي بدلا من إستخدام الحل القانوني الحازم ، حيث يتم حل بعض الخلافات عبر الاتفاقات السياسية، لكن القضايا الأساسية مثل النفط، الموازنة، المناطق المتنازع عليها، والسيادة تبقى ملفات ساخنة. التفاهمات تتغير حسب الظروف السياسية، وأحيانًا يكون هناك تقارب، وأحيانًا تصعيد وهنا تؤكد أن على بغداد إستخدام وفرض سلطة القانون على الإقليم