الأحد 20 أبريل 2025

  • القسم الرئيسي : مقالات .
        • القسم الفرعي : المقالات .
              • الموضوع : لم يعد أمام العرب والمسلمين إلا خياران: إما إحياء نصرالله، أو تنفيذ اوامر ترامب..! .

لم يعد أمام العرب والمسلمين إلا خياران: إما إحياء نصرالله، أو تنفيذ اوامر ترامب..!

 

 

 

 

ناجي علي امهز ||

بداية، الموضوع ليس مرتبطًا باستشهاد السيد نصرالله بقدر ما هو مرتبط بدور لبنان التاريخي الذي صنع مجد العرب، طوّر حضارتهم، رفع بنيانهم، وعزّز استقلالهم.

بدأت قصة لبنان الحديث مع نهاية القرن التاسع عشر، عندما اعترض شخص من آل ضو (مسيحي ماروني) على منحه الجنسية الأمريكية من الدرجة الثانية، حيث كانت الجنسية آنذاك مقسّمة إلى ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: تُمنح للمهاجرين القادمين من أوروبا الغربية والشمالية، مثل البريطانيين، الألمان، والهولنديين، الذين كانوا يُعتبرون الأكثر “قبولًا” في المجتمع الأمريكي بسبب أصولهم البروتستانتية ولغتهم القريبة من الإنجليزية.

الدرجة الثانية: تشمل المهاجرين من جنوب وشرق أوروبا، مثل الإيطاليين، اليونانيين، اليهود، والبولنديين، بالإضافة إلى بعض سكان الإمبراطورية العثمانية، مثل العرب والشوام (سوريا، لبنان، فلسطين).

الدرجة الثالثة: شملت المهاجرين الآسيويين، الأفارقة، وسكان أمريكا اللاتينية.

كجزء من حملة لتأكيد بياض السوريين، نُشرت مقالات وكتب تدافع عن تصنيفهم العرقي، واعتُبرت قضية جورج ضو محورية للجالية. في المحاكمة، أثنى القاضي على محامي الدفاع الذين أكدوا أن تصنيف السوريين كآسيويين كان مهينًا. في الاستئناف، تم الاعتراف بالسوريين كجزء من العرق القوقازي، وكانوا من دم سوري وعربي ويهودي مختلط وليس من العرق المنغولي لحكامهم الأتراك نفسه، ومنح ضو الجنسية.

أدى هذا الحكم إلى تسوية رسمية لقضية العرق للأميركيين العرب، حيث تم تصنيف السوريين والفلسطينيين كبيض، بغض النظر عن كونهم من رعايا الدولة العثمانية.

منذ ذلك التاريخ، كان اللبنانيون هم الذين يفتحون أبواب الغرب للعرب، لا سيما أبناء دول الخليج، حيث قدّموا هؤلاء إلى مراكز القرار في أمريكا وأوروبا. بل إن غالبية الزعماء والأمراء العرب كانوا يتفاخرون بمصاهرة العائلات اللبنانية.

حتى اليهود لولا اللبنانيين كانوا حتى اليوم يعانون من التمييز العنصري في امريكا.

مع مطلع القرن العشرين، بدأ اليهود التخطيط للقضاء على دور لبنان الريادي في العالم. كانوا يدركون أن قيام دولة إسرائيل مستحيل بوجود لبنان.

فالإسرائيلي يعلم أنه مهما تطوّر وسيطر في المنطقة، فلن يكون بديلاً للبنان، لذا كان خياره الوحيد هو شطب لبنان عن الخارطة ليسيطر على المنطقة والعرب.

للأسف، نجح العقل الإسرائيلي في الانتصار على العقل اللبناني، وجرّه إلى حرب أهلية طاحنة وصراعات داخلية قضت على مقوّمات الدولة اللبنانية، ما سمح للإسرائيلي باحتلال لبنان.

بعد قرابة مائة عام على قضية ابن “ضو” الماروني، وفي عام 1984، انطلقت ما يُعرف بالمقاومة الإسلامية أو حزب الله، الذي وُلِد من رحم الأمة اللبنانية الفينيقية. رغم الدمار والنار والموت، وُلدت المقاومة من بين الركام والرماد، كما وُلد طائر الفينيق شاهدًا على الحياة.

قدّمت هذه المقاومة نموذجًا إنسانيًا، وجدانيًا، بطوليًا، وطنيًا رائعًا في التضحية والتفاني من أجل تحرير تراب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي.

وفي عام 2000، خرج سيد الانتصار قائلاً: “هذا النصر لكل اللبنانيين والعرب والمسلمين”.

لكن بدل أن يفرح اللبنانيون بانتصار أبنائهم على أقوى جيش محتل في العالم، دخلوا في زواريب السياسة والاصطفافات الطائفية. على سبيل المقارنة، لو كان هناك مصارع لبناني ينافس مصارعًا من دولة أخرى، فإن وجدان الشعب اللبناني لا يمكن إلا أن يكون معه. ولكن، في معركة وجودية مصيرية، قدّم فيها الشباب أرواحهم، وقطعًا من أجسادهم، ويُتّم أطفالهم، ورُمّلت نساؤهم، نجد أن بعض اللبنانيين تجرأوا على الطعن في وطنيتهم.

هكذا تطور الصراع اللبناني الداخلي حول المقاومة، وصبّت أمريكا الزيت على النار، مما عزّز الانقسام الداخلي، وجاء ذلك كله خدمةً لإسرائيل.

للأسف، تبعها غالبية العرب في حربهم وحصارهم للمقاومة اللبنانية، دون أن يدركوا أنهم بتدمير وقتال المقاومة إنما يقاتلون أنفسهم ويدمّرون قوتهم وبلادهم.

لقد حذّرت الداخل اللبناني وحتى العرب في العديد من المقالات، ومنها مقال: “هل يجب نزع سلاح حزب الله؟” المنشور في 6-7-2020.

“”في الواقع، لولا وجود حزب الله، لما وجدتُم أي دولة مهتمة بلبنان، لأن الدول التي تخشى على الكيان الإسرائيلي هي التي تعمل ليل نهار على إبقاء لبنان يتنفس، وتدفع أموالًا لبعض الأحزاب والقوى لمواجهة حزب الله، وإلا فما قيمة الكثيرين في المعادلة الإقليمية والدولية؟””

حزب الله كان المحرك الاساسي للحراك المتوازن في المنطقة،

“حتى امريكا نفسها اليوم تشعر ان اللعبة السياسية على الحلبة الدولية اصبحت مملة.”
فالمصارع القوي ينتهي دوره كما ينتهي الرهان عليه لانه لن يجد من يواجهه او ينازله،.
وهذا حال ترامب اليوم الضليع بسيكولوجية جمهور المصارعة.

لكن، للأسف، غالبية العرب والمسلمين لا يقرؤون، وحتى اللبنانيون أصبحوا الأقل مطالعة، رغم أنهم رواد الحرف ومصدّرو الكتب التي يختارونها للترجمة والطباعة، وكانوا هم من يغذّي العقل العربي باختيار الكتب التي تبني وتنشئ وتطوّر.

اليوم، نجحت إسرائيل في القضاء على دور من ادوار الامة اللبنانية التي كانت تدافع عن لبنان والعرب،

لكن بالمقابل، فإن العرب هم الذين يدفعون الأثمان. وهذه الأثمان لن تتوقف عند ترحيل الفلسطينيين وتوطينهم، بل ستنتهي بكارثة مأساوية للجيوش العربية، تمامًا كما تحطّمت القدرات العسكرية للجيش السوري، والتي هي ملك الشعب السوري.

هل يعتقد السوريون أنه من الآن فصاعدًا سيسمح لهم بامتلاك الطائرات الحربية أو صواريخ بعيدة المدى أو المنظومات الدفاعية؟ لقد استطاعت إسرائيل، خلال ساعات، أن تدمر كل ما حاول الجيش السوري امتلاكه طيلة نصف قرن.

وكذلك سيكون حال جيوش الدول العربية التي تمتلك أسلحة متطورة، فجميعها سيتم تدميرها والقضاء عليها، حتى لا يكون في المنطقة من هو قادر حتى على التفكير بمواجهة اسرائيل.

اليوم، وبعد أن تبيّن أن الشهيد نصرالله كان يحمي حتى الدول التي لم تؤيّده أو تقف معه،

وحتى الشعب الفلسطيني وحركات مقاومته، ومنها حماس، فقد ثبت أن جزءًا من قوتها كان بسبب وجود الشهيد نصرالله.

لكن ماذا ينفع الندم والحسرة، لقد قتلتم بأيديكم من كان يحميكم، أو أقله، كانت علّة وجوده تمنحكم الأدوار والمساحة الكبرى من الحركة السياسية العالمية والإقليمية.

أما ترامب، سيد البيت الأبيض، فهو يدرك ماذا يفعل. إما أن تقبلوا بما يقول، وهو ترحيل الفلسطينيين، وإما ستشاهدون الجحيم.

وترحيل الفلسطينيين ليس سوى الطلب الأولي، بل هناك لائحة مطالب لن تكون لكم قوة أو قدرة على تحقيقها.

فأمريكا لا تقبل بشكوى، بل تنظر إلى الجميع على أنهم أصبحوا عبيدًا لها، ولا يوجد في عُرف العبيد مكان للراحة والرخاء والبحبوحة.

وبما أنكم غير قادرين على المواجهة، فادعوا الله أن يُحيي الشهيد السيد نصرالله، وإلا، سيكون الرضوخ لترامب هو فاتورة عدم ادراكنا للسياسة الدولية..

في النهاية، كان يتوجب على جميع العرب بعيدا عن الصراعات او التحلفات الدولية وحتى مع رفضهم لسياسات المقاومة، ان يدعموا نقطة قوتهم التي تنتج توازن قوة مع الاسرائيلي من خلال دعم المقاومة اللبنانية والفلسطينة ولو بالسر وبطرق غير مباشرة، لان نشوء الامم والكيانات يتطلب التعامل مع التحديات السياسية والإقليمية باسلوب اكثر تفهمًا وعمقًا للسياق التاريخي والحاضر، مع الأخذ في الاعتبار وجهات النظر السياسية المتنوعة وتضارب المصالح.

فلا داعي لان يكون صديقك حليفك، ربما عدو عدوك هو حليفك.

في الختام، رحل الشهيد نصرالله مؤمنًا، قويًا، عزيزًا، ومنتصرًا في ثباته على مواقفه حتى النفس الأخير، مدافعًا عن المستضعفين في فلسطين.

أما العرب حلفاء ترامب، فتعيشون تحت أوامره المعلنة، حيث يُملى عليكم ما يجب فعله دون حتى استشارتكم حول أي خطط بديلة، أو على الأقل منحكم حق الاقتراح. بل إن التفكير في حلول بديلة أصبح ممنوعًا عليكم، ومن يرفض ذلك، أعلن ترامب صراحة أنه سيعاقبه.

حقيقة كان على العرب ان يحافظوا على لبنان كما يحافظون على ارواحهم، لانه بالنسبة لهم بتاريخه الغني وموقعه الاستراتيجي وما ابرزه من حكمة عالمية في السياسة الدولية والدبلوماسية باروقة الامم المتحدة وقوة عسكرية اسطورية قتالية في ارواح شعبه، للدفاع عن القضايا العربية، في المنطقة والعالم.

اليوم من سيدافع عن العرب وفلسطين، ومن سيجعل امريكا واسرائيل تعيد حساباتها قبل ان تفرض شروطها.

ننتظر يوم السبت حيث يبدا الشرق الاوسط الجديد.


  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2025/02/12  | |  القرّاء : 67




عين شاهد
15 قسم
9061 موضوع
2011527 تصفح
الرئيسية
من نحن
إتصل بنا
العراق
السياسية
الأمنية
الإقتصادية
الرياضية
المحلية
كاريكاتير
العراق
صورة وخبر
الصحة
الأسرة والطفل
منوعات
دراسات و بحوث
أقسام أخرى
العالم
مقالات
تقارير
أرشيف
تابعونا





جميع الحقوق محفوظة © 2021 - 2025 تنفيذ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net