قاسم الغراوي
تحليل حديث ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، محمد الحسان، خلال زيارته الثانية إلى النجف ولقائه مع السيد محمد رضا السيستاني يحمل عدة أبعاد ودلالات سياسية تتعلق بواقع العراق الحالي وتحدياته الإقليمية والدولية واين سيكون العراق في ظل هذه الصراعات والتحديات والتجاذبات ؟.
1- التحذير من التجاذبات والصراعات:
• تأكيد الحسان على ضرورة إبعاد العراق عن الصراعات الإقليمية يعكس موقفاً أممياً تقليدياً يهدف إلى الحفاظ على حياد الدول المهددة بالانزلاق في صراعات إقليمية. ولكن هذا التحذير في هذه الظروف يوحي الى تغيرات متوقعة على مستوى منطقة الشرق الاوسط (الجديد) .
• الربط بين تصريحاته و”تهديد مبطن” يعكس رؤية تحليلية متأثرة بالتصعيد الإقليمي الجاري، خاصة مع الضغوط الغربية المتزايدة على العراق فيما يتعلق بالمقاومة وعلاقاته بإيران.
2- دور الفصائل والmقاومة:
• تصريحاته بشأن “إبعاد العراق عن التجاذبات” تُفهم كإشارة إلى تقييد دور الفصائل المسلحة وتحويلها إلى العمل السياسي، وهو اتجاه طالما دعا إليه الغرب واكدت عليه الادارة الامريكية لتقليص النفوذ الإيراني وتقليل التوترات في العراق.
• هذا الموقف يعكس الرغبة الدولية في بناء مؤسسات دولة مركزية بدلاً من القوى شبه العسكرية المؤثرة والفاعلة على الساحة الاقليمية والتي تشكل تهديدا للكيان الصهيوني .
3- فصل العراق عن محور الmقاومة:
• الإشارة إلى تفكيك العلاقة مع إيران وتحذير العراق من أن يكون جزءاً من أي صراع إيراني-أمريكي مستقبلي يعكس واقع الضغوط الدولية.
• العراق أصبح محوراً مهماً في الصراعات الإقليمية، ولهذا فإن الحياد الذي تدعو إليه الأمم المتحدة قد يكون له بُعد استراتيجي في حماية العراق من تبعات الصراعات وبالتالي سيفسح المجال للادارة الامريكية والصهيونية ان تحيد ايران .
4- العلاقة مع إيران ومحور الmقاومة:
• إذا كان كلام الحسان يحمل إشارات لإضعاف العلاقة العراقية-الإيرانية، فهذا يعكس موقفاً غربياً متوقعاً لمحاولة تحجيم محور الmقاومة الذي تعتبره واشنطن وتل أبيب تهديداً مباشراً لذا من المتوقع ان يكون الضغط بهذا الاتجاه للاستفراد بجمهورية ايران الاسلامية بعد قص اجنحتها الmقاومة .
5- رسالة غربية مضادة لتصريحات الإمام الخامنئي:
• الربط بين تصريحات الحسان وكلام الإمام الخامنئي يعكس تحليلاً يتجه نحو تصعيد المواجهة الإعلامية والسياسية بين محور المقاومة والغرب.
• لكن قد يكون ذلك جزءاً من تصعيد الخطاب دون أن يعني بالضرورة قراراً نهائياً بالدخول في مواجهة مباشرة.
6- تحويل الفصائل إلى العمل السياسي:
• هذه الفكرة ليست جديدة، بل هي مطلب دولي مستمر منذ سنوات، يتماشى مع رؤية الغرب لبناء عراق يعتمد على مؤسسات سياسية واضحة بعيداً عن العمل المسلح.
7- تعديل دور الأحزاب الشيعية:
• الدعوة غير المباشرة للأحزاب الشيعية لتغيير نهجها أو فتح المجال لأحزاب جديدة تحمل (إشارة ضمنية )إلى دعم تيارات أكثر اعتدالاً وربما تسلك توافقاً مع التوجهات الغربية.
• يُحتمل أن يُنظر إلى ذلك كجزء من خطة غربية لإحداث تغيير تدريجي في البنية السياسية العراقية بما يحد من التأثيرات الإيرانية.
النظر إلى تصريحات الحسان في إطار حرص الأمم المتحدة على الحفاظ على استقرار العراق، دون إغفال الأجندات الغربية التي تسعى إلى تغيير التوازنات الإقليمية.
• بالنسبة للعراق، من المهم أن يبقى محايداً قدر الإمكان، لأن الانخراط في صراعات أكبر قد يهدد أمنه واستقراره الهش.
تصريحات الحسان تحمل أبعاداً دبلوماسية وسياسية تعكس واقع الصراعات الإقليمية والدولية. والعراق بحاجة إلى التعامل بحذر مع هذه الرسائل لضمان حماية مصالحه الوطنية، مع الحفاظ على علاقاته المتوازنة داخلياً وخارجياً.