![](pic/2024//2396d256f3.jpg)
أ.د. جاسم يونس الحريري ||
بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية
للاتصال بالكاتب:- jasimunis@gmail.com
دفعت تركيا بتعزيزات عسكرية مكثفة إلى منطقة «درع الفرات»، الخاضعة لسيطرة قواتها وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لها في حلب، إلى جانب نقاطها في إدلب، في ظل التصعيد مع قوات((سوريا الديمقراطية))(قسد)، وبدء «هيئة تحرير الشام» الارهابية هجوماً على مواقع الجيش السوري في حلب.
و((هيئة تحرير الشام)) وتُعرف أحيانًا باسم ((تنظيم تحرير الشام))، هيَ جماعة سلفية تكفيرية ما زالت تُشارك في الحرب الأهلية السورية. تشكلت المجموعة في 28 كانون الثاني/يناير 2017 من خلال اندماج كل من جبهة فتح الشام (كانت تُعرف بجبهة النصرة سابقًا) و((جبهة أنصار الدين)) ثم ((جيش السنة)) و((لواء الحق)) وكذا ((حركة نور الدين الزنكي)).
بُعيدَ إعلان التأسيس؛ انضمت مجموعة منَ الجماعات الأخرى للهيئة كما انضمّ لها عددٌ من الأفراد والمُقاتلين من سوريا وخارجها. بالرغم من كل هذا الاندماج فإنّ الهيئة تتكوّن من عناصر في ((جبهة النُصرة)) بالخصوص حيث يُسيطر قادة هذه الجبهة المُنحلّة على أبرز المراكز في الهيئة.
اتسعت رقعة هذه الهيئة وتضاعفت قوتها حتّى صارت لاعبًا رئيسيًا في النزاع في سوريا خاصّةً بعدما انضمّ لها عناصر من ((حركة أحرار الشام)) التي تُعد جماعة سلفية أيضًا لكنها أقلَّ تشددًا من نظيراتها. في الوقت الحالي؛
لا زالَ الكثير من المحللين والإعلاميين يُشيرون إلى الهيئة باسم ((جبهة النصرة)) أو حتّى ((هيئة فتح الشام)).أما ((جبهة النصرة)) أو ((جبهة نصرة أهل الشام)) أو ((جبهة فتح الشام)) وتوصف أيضًا ب((القاعدة في سوريا)) أو ((القاعدة في بلاد الشام)) والتي أصبحت فيما بعد ((هيئة تحرير الشام))، كانت منظمة تنتمي لفكر السلفية الجهادية تصنف من قبل الولايات المتحدة الامريكية کمنظمة إرهابية، وتم تشكيلها أواخر سنة 2011 خلال الحرب الأهلية السورية وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح في غضون أشهر من أبرز قوى المعارضة المسلحة للدولة السورية لخبرة رجالها وتمرسهم على القتال. تبنت المنظمة عدة هجمات انتحارية في حلب ودمشق.
وقد كانت ذراع ل((تنظيم القاعدة في سوريا))، وقد ربطتها تقارير استخبارية أمريكية ب((تنظيم القاعدة الارهابي في العراق)).
دعت الجبهة في بيانها الأول الذي أصدرته في 24 يناير/كانون الثاني 2012 السوريين للجهاد وحمل السلاح في وجه الحكومة السورية. كانت ((الجبهة الإسلامية السورية)) منظمة مظلية سلفية للجماعات المتمردة الإسلامية التي تقاتل حكومة بشار الأسد في سوريا خلال الحرب الأهلية السورية.
وكانت أكبر جماعاتها ((أحرار الشام)) السلفية، التي قيل أنها «قادت» و«هيمنت» على الجبهة. في نوفمبر 2013، تم حل ((الجبهة الإسلامية السورية))، حيث استعيض عن المنظمة ب((الجبهة الإسلامية)).
تلقت الجماعة التمويل والدعم من السلفيين المحافظين الآخرين في الخليج العربي، ومن بين المانحين البارزين الواعظ الكويتي ((حجاج العجمي))، الواعظ السوري المقيم في السعودية ((عدنان العرعور))، والسياسي الكويتي ((حكيم المطيري)).
ودخل رتل عسكري تابع للقوات التركية من معبر ((السلامة)) الحدودي في شمال حلب إلى النقاط التركية المنتشرة في منطقة «درع الفرات»، يوم الأربعاء الموافق 28/11/2024، ضم شاحنات محملة بأسلحة ثقيلة ودبابات وآليات إلى النقطة التركية على أطراف بلدة ((مريمين)) شمال حلب.
وسبق ذلك، وصول تعزيزات تركية، يوم الثلاثاء الموافق 27/11/2024، إلى جبل ((الزاوية)) في(( ريف إدلب الجنوبي)) ضمن منطقة خفض التصعيد المعروفة باسم «بوتين – إردوغان»، عبر معبر(( كفر لوسين)) الحدودي، ضمت نحو 50 آلية، معظمها مدافع ودبابات، تمركزت في قاعدة قريبة من خطوط التماس مع مناطق سيطرة الجيش السوري.
وجاءت التعزيزات وسط استمرار التوتر على محاور التماس مع «قسد» في حلب، والتصعيد العسكري من جانب «هيئة تحرير الشام»الارهابية في حلب، وتصعيد الجيش السوري في إدلب.
أطلقت «هيئة تحرير الشام» والفصائل العاملة بغرفة عمليات «الفتح المبين»، عملية أسمتها «ردع العدوان»، تستهدف مواقع الجيش السوري في حلب.
وأفاد «المرصد السوري» بتقدم الهيئة وفصائل «الفتح المبين» في ريف حلب الغربي، والسيطرة على نقاط في قبتان جبل وشيخ عقيل قرب الفوج 46، وسط اشتباكات عنيفة، وتبادل للقصف المدفعي والصاروخي مع القوات السورية.
تحليل واستنتاج:-
—————-
1. أنقرة تقدم الدعم لفصائل سورية و”هيئة تحرير الشام” عسكريا واستخباراتيا، كما أن هناك جنودا من تركيا ونقاطا عسكرية وآليات وبنية تحتية تركية موجودة في الجيوب الجغرافية شمالي البلاد. وهذه العملية التي سميت “ردع العدوان”، لا يمكن أن تتم دون موافقة أنقرة.ويقول مطلعون على موقف أنقرة، إن أردوغان أراد من دعم العملية العسكرية الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد الذي رفض لقاءه قبل إعلان التزام انسحاب الجيش التركي من سوريا، وتطويق “قسد” والإفادة من الضعف الإيراني وتراجع “حزب الله”.
ويشيرون إلى أن أردوغان يريد تحسين موقفه التفاوضي قبل وصول ترمب، مشبهين ما يحصل حاليا بدعم حكومة طرابلس في ليبيا وأذربيجان في إقليم ناغورني كارباخ.
2. في عالم مثالي، ربما تود تركيا الحفاظ على وحدة التراب السوري ورؤية حكومتها في أيدي أفراد أو مجموعات متحالفة إديولوجياً واستراتيجياً معها. لكن، منذ أيلول/سبتمبر 2015 حين تدخّلت روسيا عسكرياً في سورية وحازت على موقع مُهيمن هناك،
أدركت أنقرة أن رغباتها غير واقعية. الآن، إذا ماوضعنا موازين القوى الإقليمية والدولية بعين الاعتبار، سنجد أن تطلعات تركيا تتجه نحو ضمان محافظة القوات المتمردة اللاجهادية المتحالفة معها على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي، وفرض كلمة أكبر لها حيال مستقبل سورية.
3. هناك اهداف لتركيا أن تمنع تشكّل كيان قابل للحياة في سورية تديره أفرع حزب العمال الكردستاني، خاصة إذا ما كان هذا الكيان “معدياً” (أي مؤثراً على أكراد تركيا) ويمتد من الحدود العراقية إلى البحر المتوسط. إذ أن ذلك يشكّل تهديداً وجودياً للأمن القومي التركي، ويغيّر وجه اللعبة الجيوسياسية.
ولذا، تستطلع تركيا الفرص لإضعاف مواقع أفرع حزب العمال الكردستاني، على غرار حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب داخل سورية، وعرقلت تقدمها. علاوة على ذلك، تُعزّز تركيا تموضعها العسكري لقواتها ولحلفائها المتمردين في مواجهة حزب الاتحاد ووحدات الحماية.