محمود الهاشمي ||
لاينكر النظام الأردني بان له علاقة اكثر من جيدة مع الغرب وعلاقته مع الولايات المتحدة تمتد لسبعة عقود تتلقى الأردن خلالها مساعدات أمريكية سواء مباشرة او قروض او ضمانات اخرى تمثل عونا لبلد موارده محدودة، وهناك تعاون امني واسع بحيث ان القوات الأردنية تتدرب مع القوات الأمريكية ويتم تسليحها بأسلحة غربية مشروطة بعدم تفوقها على مالدى الصهاينة من أسلحة، وعلى ارضها الان أربعة آلاف جندي أمريكي.
التحقت الأردن ب(التطبيع) مع اسرائيل بعد مصر عام ١٩٩، ومنحت الأردن الوصاية على المقدسات في القدس منذ عام .١٩٢٤ استفادت الأردن من جوارها لاسرائيل، بالحفاظ على الحدود الاسرائيلية وأبعاد الشعب الأردني عن أزمات الاحتلال والالتزام السياسي والأمني والاقتصادي مع الاحتلال ايضا وتم عقد سلسلة اتفاقات اقتصادية بين الطرفين ،وفي كلها كانت الأردن (وفية )سواء مع اسرائيل او مع الغرب عموما مستفيدة من معادلتين الحافظ على حدود اسرائيل والوقوف الى جانب الغرب.
الأردنيون يرون باسرائيل عدوهم الاول ،ويرون بالسفارة الاسرائيلية بعمان عنوانا للكراهية.
السلطة الحاكمة بالأردن تحاول ان تروض الواقع بان العلاقة مع اسرائيل (واقع حال) باختصار ان ألاردن وضعت جميع بيضاتها بالسلة الأمريكية مثلما تستفيد من المنح التي تحصل عليها من قبل دول الخليج ولكن ترى ايضا ذلك يشكل ضغطا على قراراتها ،واستقلاليتها وحتى في مجال استيراد النفط ومصادر الطاقة ..
ألاردن لم تخطط يوما ان تنشيء لنفسها تجربة (خاصة )سواء في الجانب الاقتصادي او السياسي وهذا الأمر جعلها تنتظر دائما ماتؤول اليه الصراعات الدولية ،فيما ترى انها البلد الذي لم يخضع للتقلبات السياسية والاقتصادية الحادة وأنها لم تشهد (ربيعا عربيا).
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي انهارت معه الدول التي كانت موالية له ،وشهدت اوربا الشرقية انهيارات وانقسامات وحروب ومعارك أهلية،فانفردت الولايات المتحدة بالعالم لكنها لم تستطع ادارة العالم بمفردها ولم تسد فراغ العقيدة الشيوعية ولا فراغ الاحزاب القومية والوطنية بالعالم ولم تعد تهتم بالدول (الصديقة) لها كونها ما عادت بحاجة لها ،وقد خففت كثيرا من مساعداتها وبدلا من ان تكافيء مواقفها وإخلاصها وجدت طريقة لاستمرار إخضاعهم لوصايتها عبر إغراقهم بالديون والقروض وإفقار شعوبها سواء بالمباشر او عبر البنك الدولي كما فعلت مع مصر والأردن.
في ولايته الاولى وطبقا للشعار الذي رفعه ترامب قال (لم يعد الشرق الأوسط من اولوياتنا. وقال (قد لانحتاج لنفوط الخليج) فأربك ادارات الدول الصديقة لأمريكا بالمنطقة وتيقنت ان عليها ان تفكر بحلول لمصيرها حيث ان امريكا خرجت عن اداراتها التقليدية للعالم إلى منهجية جديدة.
السعودية من جهتها ذهبت إلى عقد ثلاث قمم للصين على ارضها عام ٢٠٢٢كمن تريد ان تضمن مستقبلها خاصة بانها تاكدت بان الولايات المتحدة غير مكترثة لحربها مع اليم.
الإمارات تحولت إلى (اسرائيل ثانية)بالمنطقة ومنطقة استثمارات عالمية ،ولا تملك خزينا شعبيا يضغط على قراراتها ،وتوجهت قطر إلى تركيا وايران وحافظت عمان على موقعها السياسي بالمنطقة وعلاقاتها المتنوعة ،والتزمت الكويت سياستها مع انفتاح على ايران ودول المنطقة.
لكن الخاسر الأكبر من أصدقاء امريكا بالمنطقة (الأردن ومصر) خاصة وان الأردن لا تملك مصادر للطاقة ولاموارد اقتصادية كبيرة مع زيادة في عدد السكان وارتفاع بمستوى الديون ،وعلاقاتها مع جارتها العراق غير موفقة ،بسبب تداعيات الاحتلال الاميركي للعراق وهروب أعداد كبيرة من بقايا النظام البائد للأردن وتعاملها طائفيا مع أبناء الشعب العراقي وأعلامها المعادي للتجربة السياسية الجديدة بالعراق ناهيك عن أزمة الارهاب ووجود قيادات أردنية شاركت باذى العراقيين مثل ابو مصعب الزرقاوي وغيرهم لذا تجد ان الشعب العراقي يقف بالضد من اي قرار عراقي لصالح الأردن.
وهذا آخر نص لكاتب عراقي بهذا الشأن(هدف انبوب العقبة تعزيز اقتصاد النواصب بالاردن والصهاينة ورهن ثروات العراق وتجويع شعبه)!!
الان وقد عاد الرئيس (ترامب )إلى ولاية ثانية في الولايات المتحدة الأمريكية ومعه ثلة من المناصرين المتطرفين لاسرائيل والعداء للعرب والإسلام،
واذا كانت دول بعيدة في موقعها عن حدود فلسطين المحتلة فان الأردن لصيقة بها وعلى ارضها شعب مناصر لفلسطين ،وفيه عتب شديد على حكومته ومواقفها وغير مقتنع بان يكون الموقف في حدود المساعدات او استقبال المرضى ويطالب بموقف واضح ومباشر..
ألاردن لا تملك وقتا كثيرا لتفكر فهي واقعة بين سلطان أمريكي مجنون (ترامب)وبين معركة تخوضها المقاومة الإسلامية من جميع الجهات ضد العدو الصهيوني الذي لم يبق جريمة إلا وارتكبها حد الإبادة الجماعية لأهل غزة فيما يسمع الأردنيون صليل الرصاص ودوي المدافع وهدير الطائرات وصيحات اهلهم في الضفة وغزة وهم ينتخوهم.
ما خيارات الأردن اذن؟!
لنقف عند آخر خطاب للملك عبد الله الثاني في افتتاح الدورة العادية الاولى لمجلس الامة قبل أيام حيث قال (نحن دولة راسخة الهوية لاتغامر في مستقبلها) بمعنى ان (الأردن )لاتنخرط بالنزاع المباشر مع العدو الصهيوني) وتبقى في حدود (المساعدات) و (التحركات العربية والدولية لوقف الحرب) نقول هذا اجراء ربما يصلح في ظل الإدارة التقليدية لأمريكا لكننا لان امام زمرة خالية من القيم والأخلاق وترى في (جغرافيا اسرائيل قليلة ولابد من توسعها حتى لو ابتلعوا ارض الاردن).
يقول وزير الخارجية الأردني الأسبق مروان المعشر في مقال له في جريدة القدس العربي قبل أيام تحت عنوان (ترامب والخيارات الأردنية):إن الأردن لا يستطيع وحده مجابهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية، ولكن لابد من خطة واضحة لفعل المستطاع) مقترحاً أن الخطوة الاولى تكمن في (تكثيف الاتصالات مع أصدقاء الأردن خاصة في الكونكرس ومراكز صنع القرار وتكثيف اتصالات الأردن مع بعض الدول العربية).
وهي خيارات منسجمة مع دعوة الملك عبدالله الثاني (نعمل جاهدين من خلال تحركات عربية ودولية لوقف الحرب على غزة.)
اما على مستوى الداخل فدعا الاستاذ المعشر إلى (وضع الخلافات الداخلية بين مختلف مكونات المجتمع الأردني السياسية جانبا)و(الدعوة الى حوار عام)ل مجابهة السياسة الأمريكية الجديدة والخطيرة ..
نقول ان هذه الخطوات تتقاطع مع جملة من التحديات فالداخل الأردني منسجم وغير (مختلف )في القضية الفلسطينية ويرى ان الواجب يدعو ان يكون للحكومة الأردنية موقف مباشر وتهديد اسرائيل مثلما تفعل دول اخرى ،وترى ان الأردن هي الأَولى بهذا الموقف حيث ان اغلب شعبها من الفلسطينيين ومن المناصرين لفلسطين وهم يرددون (كلنا حماس)
والأحزاب الإسلامية وعلى رأسها (الإخوان)يرون في قتال حماس شرفا وواجبا وقد حصدوا المزيد من المقاعد بمجلس الامة ،ومثل ذلك الاحزاب القومية والوطنية.
التعويل على الدول العربية ،كمن يطارد (خيط دخان) فقد ختم الله على قلوبهم وأشبعونا قمما (ميتة)..
ان القرار (الحصيف)ان لاتبقى الأردن في (صالة الانتظار )لان (عصابة ترامب)تطمع بها وتلتهمها وان (خصوم الملك من أسرته)جاهزون للتماهي مع (ترامب) في مشروعه طمعا بالسلطة،
لذا فان الثقة بالشعب الأردني وبأحزابه السياسية والميل باتجاه دول المقاومة هو الحل الأمثل والجريء لان ترامب (لايشبع )من (المترددين )اما كيف ستنعطف الأردن باتجاه (المقاومة )فذلك مالانزايد عليه شعب الأردن فهم الأكثر جاهزية لذلك،
ويكفي زيارة مسؤوليها لايران والحديث عن مستقبل المنطقة وحق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن ارضه سيجعل (عصابة ترامب) تفكر كثيرا لان الأردن محاطة بالعراق وسوريا ومافيهما من عمق استراتيجي للمقاومة،كما على الأردن ان تغير من خطابها الإعلامي اتجاه العراق ،وتفتح حدودها للسياحة الدينية للعراقيين والإيرانيين،
ونرى ان هذا الطريق سيكون سالكا للصين وروسيا والى بريكس إلى آخره. .