![](pic/2024//16453bcdf7.jpg)
الشيخ حسن عطوان ||
في تاريخ إستشهاد الصّديقة الطاهرة ( سلام الله عليها ) ، وموضع دفنها ، وسبب إخفائه ، توجد عدة روايات وأقوال .
⏺️ أمّا تاريخ الإستشهاد فأهم الروايات ثلاث :
◀️ الاولى : إنّها ( عليها السلام ) عاشت بعد وفاة أبيها الرسول الأكرم 40) يوماً (1).
وبناءً على هذه الرواية تكون الزهراء قد أُستشهدت في الثامن من شهر ربيع الثاني سنة ( 11 ) هجرية ، بناءً على ما هو الصحيح عندنا من أنَّ وفاة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت في ( 28 ) من شهر صفر.
◀️ الرواية الثانية: إنّها عاشت بعد وفاة أبيها ( 75 ) يوماً.
وهي حسنة أو صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال:
( سمعته يقول : عاشت فاطمة عليها السلام بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً لم تُرَ كاشرة [ أي : مبتسمة ] ولا ضاحكة ) (2).
وعليه يكون إستشهادها في (13) جمادي الاولى.
◀️ الرواية الثالثة: إنّها أُستشهدت في الثالث من جمادي الآخرة.
وهذا يعني أنّها عاشت بعد وفاة أبيها بحدود ال (95) يوماً (3).
وتوجد أقوال أخرى، أوصلها البعض الى ما يزيد على العشرين قولاً.
◀️ قد يقال ما سبب هذا الإختلاف في تحديد اليوم؟؟
هناك أسباب عديدة لعل من أهمها:
إنَّ التواريخ لم تكن تدون أولاً بأول إلّا نادراً ، اذ مُنع المسلمون حينها من التدوين ، ولم يُسمح به إلّا في القرن الثاني الهجري ، والمنع وإنْ كان لتدوين أحاديث الرسول بذريعة (كفانا كتاب الله)، لكنّه سرى الى غير الحديث تقية من غضب السلطة.
وشهادة الصدّيقة الزهراء كانت في وقت مبكر ، وكانوا يعتمدون حينها على المسموعات والحفظ ، ومن الطبيعي أنَّ هذه المسموعات تتعرض للنسيان مع مرور الزمن.
على أنّه بالرغم من الإختلاف في تاريخ إستشهادها، بل وتواريخ إستشهاد بعض الأئمة ، إلّا أنّه عادة يقام العزاء وفقاً للرواية المشهورة.
نعم في خصوص شهادة الزهراء (سلام الله عليها) فإنَّ الإحياء يكون في ثلاثة ايام، ولعل في هذا بعضاً من السر تختص به الزهراء سلام الله عليها.
◀️ وقد يقال لماذا لم يخبر المعصومون من أبنائها شيعتهم بتاريخ إستشهادها الدقيق؟؟
وهنا جوابان:
أحداهما: إنّهم (عليهم السلام) أخبروا بذلك ، ولكن بعض الرواة أخطأوا في نقلهم، فينبغي هنا إخضاع هذه الروايات الى قواعد علم الرجال والحديث.
ثانيهما : إنّهم (عليهم السلام) لم ينصّوا عليه، وتركوا هامش الإختلاف بين الرواة على حاله لغايات أخرى، لعل منها:
أنْ يتكرر ذكرها والحديث عن مناقبها في عدة أيام من السنة، لما في ذلك من آثار عظيمة على المؤمنين لجهة الإقتداء بمواقفها وصفاتها، عفةً وزهداً وإيثاراً وصلابة.
⏺️ أمّا الخلاف في موضع دفنها، فقال الصدوق:
” اختلفت الروايات في موضع قبر فاطمة سيدة نساء العالمين عليها السلام، فمنهم مَن روى أنّها دفنت في البقيع، ومنهم مَن روى أنّها دفنت بين القبر والمنبر وأنَّ النبي صلى الله عليه وآله إنّما قا : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة لأنَّ قبرها بين القبر والمنبر ، ومنهم من روى أنّها دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد.
هذا هو الصحيح عندي ، وإنّي لما حججت بيت الله الحرام كان رجوعي على المدينة بتوفيق الله تعالى ذكره ، فلما فرغت من زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله قصدت إلى بيت فاطمة عليها السلام وهو من عند الأسطوانة التي تدخل إليها من باب جبرئيل عليه السلام إلى مؤخر الحظيرة التي فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقمت عند الحظيرة ويساري إليها وجعلت ظهري إلى القبلة واستقبلها [ واستقبلتها ] بوجهي وأنا على غسل وقلت: ” السلام عليك يا بنت رسول الله … ” (4).
◀️ ومن الجدير أنْ يُسئل عن سبب إخفاء قبرها!
لعل ذلك لمعرفة الإمام بإخلاق القوم ونوازعهم الجاهلية ، فقد يصل الأمر الى نبش قبرها بغرض الإساءة لمقامها وكسر رمزيتها الدلالية عند محبيها.
ولعل الإخفاء كان لتسجيل صرخة إحتجاج لمَن يعي!
◀️ ثم أنّها قد أوصت أنْ تدفن ليلاً، ولا يصلي عليها مَن كانت هاجرة لهم الى حين الممات في موقف تأسيسي صريح ومُلّهِم لعقيدة الرفض.
(إنّي سِلْمٌ لمَن سالمكم وعدوٌ لمن عاداكم).
سلام الله عليها حين ولدت وحين ناصرت أباها وبعلها وحين أُستشهدت، وحين تقف مخاصمة مَن ظلمها بين يدي مليك مقتدر.
عظّم الله أجوركم.
( 1 ) المجلسي ، الشيخ محمد باقر ، ( ت : 1111 هج ) ، بحار الأنوار ، ج 43 ، ص 7 ، مؤسسة الوفاء ، بيروت ، الطبعة الثانية .
( 2 ) الكليني ، الشيخ محمد بن يعقوب ، ( ت : 329 أو 328 هج ) ، الكافي ، ج 3 ، باب زيارة القبور ، ح 3 ، ص 228 ، دار الكتب الإسلامية ، طهران .
( 3 ) الطبري [ الشيعي ] ، محمد بن جرير ، ( من أعلام القرن الرابع الهجري ) ، دلائل الإمامة ، ص 134 ، مؤسسة البعثة ، قم المقدسة .
جاسم المهندس, [10/12/2024 1:56 AM]
( 4 ) الصدوق ، الشيخ محمد بن علي بن الحسين ( ت : 381 هج ) ، من لا يحضره الفقيه ، ج 2 ، ص 572 – 573 ، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة.
**********
[ حسن عطوان ]