السبت 8 فبراير 2025

  • القسم الرئيسي : مقالات .
        • القسم الفرعي : المقالات .
              • الموضوع : الشيخ ورجل القانون!.. .

الشيخ ورجل القانون!..

 

 

 

 

ا.د جهاد كاظم العكيلي ||


(رواية الشيخ والبحر)، هي رواية للكاتب (إرنست همنجواي)، إستهوت الكثير من القراء آنذاك، ، وأصبحت رواية عالمية أسوة بروايات أخرى ذات مغزى ودلالات صدرت عن كُتاب آخرين ..

وملخص الرواية بمختصر مفيد هو، محاولة الشيخ الكبير إصطياد سمكة كبيرة علقت بسنارته، وبدلا من أن يتمكن من سحب السمكة بالسنارة سحبته السمكة وهو، يرخي لها الخيط فأخذت تبعد مسافة كبيرة، غير أنه حاول مرة اخرى سحبها إلى الشاطئ وكان فرحا حين ادرك أنه سينالها كاملة،

لكنه تفاجئ عندما استقرت السمكة عند حواف الشاطئ، أنها مجرد هيكل مغطاة بأجزاء قليلة من اللحم، ذلك أن الأسماك الكبيرة (القرش) تمكنت من أكلها أثناء سحبه للسمكة، فخاب ظن الشيخ، وضاعت كل جهوده بإصطياد السمكة ..

هذه الرواية تعبر عن حالة اليأس الذي يصاب به الإنسان، بعد كل جهود مثابرته لغرض البقاء في الحياة، وإستمرارية في العيش في مجتمع هو أشبه بالبحر تتكاثر فيه القروش والأسماك تأكل كل شيء حتى وأن كانت من صنفها، وواقعنا الذي نعيشه الآن يقترب من مغزى ومعني رواية (همنجواي) في رمزيتها ودلالاتها مع وجود الإنسان في وطنه ..
بمعنى آخر، إن إنسان الوطن هذا الذي قضى حياته مُعلقا بسنارة القضاء وشيخ القبيلة، فكل منهما له إشتراطاته بفرض الأعراف والقوانين عليه، وهو خاضع ومسير من دون أن يكون له خيارا ثالثا حيال ذلك، بعد أن تداخلت الأدوار وتشابكت عمت الخصوصيات وإمتدت تدخلات بعض الشيوخ على بعض رجال القانون ..

هذه الحالة اصبحت ظاهرة يعيشها الإنسان في مجتمعا، ليفقد بذلك خصوصياته المهمة في التمدن والتحضر، ولم يتبق فيه غير الحكم والأقوال التي عاش تحت ظلها الأولين في سلم وأمان، فأصبح شيخ القبيلة يوصي رجل القانون بمعاقبة إبن قبيلته بأشد العقوبات، لأنه يعتقد أن هذا الإبن اصبح ذو سلوك مناف لوجوده!..

او إنه إرتكب خطا في العشيرة، وإستخدم هذا الخطأ كذريعة لتطبيق أشد القوانين، بل إيجاد نصوص قانوينة للتخلص منه وتدمير حياة أسرته ..

و وفق هذا الحال كان على رجل القانون، أن يُصدق كل شيئ ما يقال له!.. والهدف إرضاء بعض الشيوخ، وحتى رجال السياسة يسعون لأرضاء بعض الشيوخ، لكي يكونوا عونا لمشاريعهم الإنتخابية، مما ساعد على إمتداد نفوذهم في الدولة وتوظيف القوانين لحساب مصالحهم الضيقة!..

لقد إنتشرت هذه الظاهرة، بشكل واضح للعيان، وذلك بسب إجتهادات بعض رجال القانون بتوظيف بعص النصوص في غير محلها، ظناٍ منهم أنها ستحل هذا المشكل او ذاك، غير أن بعص النصوص تحولت إلى حالة من الفساد المعقود ما بين الشيخ وقضاة القبيلة في الدولة، والوسطاء كان لهم دورا في ذلك!..

إذن ما علينا إلا أن ندرك، أن بناء المجتمعات لا يكون في ظل وجود رجل قانون متعصب للقبلية، ويتغذى من افكار هي ليست صحيحة، ويأخذ بما هو ليس صحيح، ويعطي شيخ العشيرة مساحات كافية، لينال إمتيازات سياسة ومشاريع وهمية مقابل أن يكون المشروع السياسي لبناء الدولة مشبعا بقيم بالية!..

وإلا سوف يأتي يوما، إذا ما إستمر هذا الحال على هذا المنوال، سيرتدي رجل القانون زي الشيخ و(عقاله)، ليبت في أمور العباد وشؤونهم، فيما الشيخ سبجلس على دكة القانون!.. ويصبح حال الوطن حال السمكه التي علقت في سنارة الشيخ الصياد، لتاكل به قضاة القبيلة مثلما تأكل القروش والأسماك بعضها البعض تماما ..


  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2024/10/12  | |  القرّاء : 26




عين شاهد
15 قسم
8008 موضوع
1587931 تصفح
الرئيسية
من نحن
إتصل بنا
العراق
السياسية
الأمنية
الإقتصادية
الرياضية
المحلية
كاريكاتير
العراق
صورة وخبر
الصحة
الأسرة والطفل
منوعات
دراسات و بحوث
أقسام أخرى
العالم
مقالات
تقارير
أرشيف
تابعونا





جميع الحقوق محفوظة © 2021 - 2025 تنفيذ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net