![](pic/2024//13269a506f.png)
د. عامر الطائي ||
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ التوحش الذي نراه اليوم على أيدي الصهاينة، وهم يسفكون دماء الأطفال ويقتلون النساء ويمارسون أقصى درجات الإجرام، ليس غريبًا عن تاريخ البشرية، ولا هو أمر حديث النشأة. فكما عرفنا من تاريخ الأمم، كلما اجتمع الشر في أمة أو جماعة،
اتخذت لنفسها سلوكًا وحشيًا لا يعترف بإنسانية الإنسان، ولا بحقوقه. هذا التوحش له جذور عميقة تتشابك مع أنظمة القمع والطغيان التي حكمت شعوبنا بالقوة والسيف. وواحد من أفظع الأمثلة على هذا التوحش هو نظام البعث الذي هيمن على العراق وسوريا، واضطهد الشعوب، وفتك بها بلا هوادة، وكأنما خُلق ليكون رمزًا للإرهاب الداخلي، كما أن الصهاينة هم رمز للإرهاب الخارجي.
إنَّ مدرسة الشر التي أسسها حزب البعث بوحشيته ليست بعيدة عن المدرسة الصهيونية في ممارساتها. كلا النظامين يشتركان في العداء للإنسانية، ويتخذان من القتل والقمع والظلم وسيلةً لتحقيق أهدافهم. فالطغاة وإن اختلفت أيديولوجياتهم، فإنما يخرجون من رحم واحد: رحم الباطل الذي لا يعترف بالحق، رحم الفساد الذي لا يسعى إلا إلى السلطة على جثث الأبرياء، رحم الوحشية التي لا تقيم وزنًا لدموع الأطفال أو استغاثات النساء.
وإن كانت البعثية قد رفعت شعارات القومية والوحدة، فإنها لم تكن إلا ذريعةً لتبرير تسلطها واستبدادها. وكما يمارس الصهاينة التهجير والتدمير، كذلك مارس حزب البعث القتل الجماعي والإبادة بحق شعبه. فالذين قُتلوا في حلبجة، وأولئك الذين تعذبوا في سجون البعث، هم شهداء لهذا النظام المتوحش الذي لا يختلف عن العدو الصهيوني في شيء سوى في الجغرافيا. فالنظامان تخرجا من مدرسة واحدة: مدرسة الطغيان التي لا تعترف بحقوق الشعوب ولا بحرياتهم.
إنَّ القاسم المشترك بين البعثيين والصهاينة هو كرههم لكل ما هو حق وكل ما هو عدل. كلاهما يريد السيطرة على رقاب الناس بالقوة، وكلاهما يسعى لتكميم الأفواه وطمس الحقائق. البعثيون، بوحشيتهم في الداخل، والصهاينة بجرائمهم في فلسطين، هم جزء من منظومة عالمية كافرة، تسعى لنشر الظلم والاستبداد في كل مكان.
إنَّ الشر الذي نراه اليوم من جرائم الصهاينة، ليس إلا استمرارًا لمسيرة الظلم والطغيان التي تمثلها أنظمة مثل البعث، وكلاهما يمثل نموذجًا حيًا لقسوة القلوب وتجردهم من الإنسانية. إنَّ البعثيين والصهاينة قد صنعوا لأنفسهم قناعًا من الشعارات البراقة، ولكن خلف هذا القناع تختبئ نفوس مريضة لا تعترف بحق الحياة أو الحرية.
والواجب على الأمة الإسلامية أن تدرك أن هذا الصراع ليس مجرد صراع سياسي أو عسكري، بل هو صراع بين قوى الخير والشر، بين من يسعون لإقامة العدل ومن يزرعون الخراب. ولا سبيل لنا في مواجهة هذه المدرسة الوحشية إلا بالتمسك بالإيمان، وبالوحدة ضد أعدائنا، سواء كانوا من البعثيين أو الصهاينة. لأن كليهما، وإن اختلفت شعاراتهم، فهم من نفس الطينة الفاسدة التي لا تُثمر إلا دمارًا.
وكما قال الله تعالى في كتابه العزيز: “ولا تحسبنَّ الله غافلًا عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار” (إبراهيم: 42). إنَّ الظالمين مهما طغوا ومهما تجبروا، فإن مصيرهم إلى زوال. أما نحن، فإننا نؤمن بأن النصر قريب، وأنَّ المقاومة، في وجه الطغيان البعثي والصهيوني، هي الطريق الوحيد لاستعادة كرامة الأمة وعزتها.
والحمد لله رب العالمين.