ماجد الشويلي ||
رغم أن التحدي والرهان الاكبر في زيارة السوداني لواشنطن يكمن بمدى قدرته على تغيير نمطية نظرة الادارة الامريكية
للعراق واخراجها من الحيز الأمني الى أفق العلاقة الطبيعية القائمة على اساس المصالح المشتركة .
كما أن الرئيس بايدن وفي ظل التحديات الداخلية والخارجية التي تعيشها أمريكا والحزب الديمقراطي خاصة مع اقتراب موعد اجراء الانتخابات الرئاسية
فان الانتقال بالعلاقات مع العراق
الى اطار الشراكة المستدامة على الصعد السبعة التي حددتها اتفاقية الاطار الستراتيجي يشكل نجاحا كبيرا لضمان فوزه في الانتخابات القادمة شريطة اقناع معارضيه بخروج العراق عن دائرة تهديد مصالحهم الحيوية والستراتيجية في المنطقة وضمان فصل مساره الامني
عن مسار الجمهورية الاسلامية في ايران .
هذا المقدار الذي تمكن فيه السوداني
أن يخطو فيه خطوات مهمة أبرزها
إقناع فصائل المقاومة بتعليق عملياتها التي كانت تستهدف القواعد الامريكية المتواجدة على الاراضي العراقية .
هذا المقدار من الفصل بين المسار الايراني والمسار العراقي برغم محدوديته الا أن السوداني
كان يعتقد بأنه كاف ليكون ذخيرته
بحمل بايدن على تغيير نمطية نظرته للعراق والاقبال على الشراكة الامنية المستدامة كبديل لخروج قواته من العراق مع ضمان الاندماج الاقتصادي
مع شركاء الولايات المتحدة في المنطقة
بمعزل عن ايران.
الامر الملفت ولعله من تداعيات الرد الايراني على الكيان الصهيوني
ان الرئيس الامريكي واثناء لقائه مع السيد رئيس الوزراء السوداني أكد على أن أمريكا ملتزمة ب(أمن اسرائيل)
في اشارة لشجبه سماح العراق باستخدام اجوائه من قبل ايران لضرب الكيان الصهيوني والأمر الأهم في هذه الإشارة هو أن (بايدن )اراد التأكيد للسوداني على أن أمن اسرائيل من أمن أمريكا.
أي لايكفي أن تضمن الحكومة العراقية عدم استهداف القوات الامريكية ولا يكفي لأجل أن نغير نمطية نظرتنا للعراق
أن تكون قواتنا الأمنية في مأمن مالم تكن اسرائيل في مأمن من صواريخ المقاومة وايران .
فما كان من السيد السوداني الا أن يذكر الرئيس بايدن من أن الفيصل في اختلاف الرؤية بين البلدين بشأن اسرائيل وماتقوم به من جرائم ابادة هو القانون الدولي.
هذه الاجابة كانت ذكية الى حد بعيد
لكن هل تكفي لان تكون غطاء لقيام فصائل المقاومة والجمهورية الاسلامية باستهداف الكيان الصهيوني عبر الاراضي العراقية دون ان تثير نقمة بايدن ومعارضيه الرافضين لهذا التقارب بين البلدين في الكونغرس ويسمحوا بأن تفضي الزيارة الى تحقيق ما رسم لها قبل الرد الايراني ؟
ام أن بايدن سيستعملها ورقة لادامة بقاء قواته في العراق والضغط على رئيس الوزراء ؟
الشئ المهم هو أن الاجواء العراقية تحت السيطرة الأمريكية ومن جملة ماذهب السوداني للمطالبة به هو السماح للعراق بفرض سيطرته على اجوائه بالحصول على منظومات دفاع جوي متطورة.
هذه النقطة تنظر اليها الولايات المتحدة بحساسية مفرطة
فهي تتخوف من من وصول تقنيات منظومة الدفاع المتطورة
لايران بشكل او آخر فتقوم عبر هندسة النانو بتصنيعها والتعرف على مواطن الضعف فيها وآليات عملها
ومن جهة اخرى ان التزام امريكا بحفظ امن اسرائيل يفرض عليها ضمان التفوق التسليحي للكيان الغاصب
كما ان العراق لو امتلك منظومة دفاع جوية متطورة سيستغني عن امريكا في هذا الصدد وتنتهي الهيمنة على اجوائه
وسيكون محصناً من الهجمات الصهيونية بمقدار معين
لذا سنرى في المستقبل القريب ضغوطات واشتراطات معينة لمنع استخدام الايرانيين الاجواء العراقية لضرب اسرائيل.
ولعل من هذه الاشتراطات هو رهن بعض التعاقدات مع الشركات المدنية والعسكرية بتحقيق الغرض اعلاه.
وهذا الامر سيشمل جميع انواع التسليح
التي سيطلب العراق التعاقد عليها
او تحريك الشارع العراق لرفض استخدام الاجواء العراقية من قبل الايرانيين.
وسيلحظ ضمان التفوق الاسرائيلي على ماتمتلكه جيوش المنطقة بما فيهم شركاء الولايات المتحدة واسرائيل ومن جملتها العراق.
اضافة الى عرقلة أي محاولة لتنويع مصادر التسليح وبالاخص من دول المحور الشرقي.
ان مبدأ التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على أمن اسرائيلي سيظل اكبر عائق امام تأسيس علاقات شراكة اقتصادية وتجارية وعسكرية حقيقية بين العراق وأمريكا وسيظل الهاجس الأمني مرافقا
للحشد الشعبي ولأي تقارب مع الجمهورية الاسلامية.
لايعني هذا رفض الزيارة أو التنكر لاهميتها وما يمكن ان ينجم عنها
من اصلاحات في البنى التحتية التي يفتقر لها العراق والتي هدمتها وحطمتها
أمريكا نفسها ابان غزوها للعراق 2003
ولكن يبقى لزاما علينا التحلي بنظرة شمولية لمجمل ما يجري في البلد
وبالاخص في علاقته مع أمريكا