
تشكل الانتخابات الركيزة الأساسية لبناء النظام الديمقراطي وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، فهي خيار استراتيجي يعبّر عن إرادة المواطنين في رسم ملامح مستقبلهم.
وفي ظل الظروف الراهنة التي تشهدها المنطقة وما تحمله من تحديات سياسية وأمنية واقتصادية، تزداد أهمية الانتخابات باعتبارها السبيل الأمثل لتعزيز الاستقرار الداخلي، وتجديد شرعية المؤسسات، وتحصين الدولة من أي محاولات لزعزعة ثقة الشعب بمسارها السياسي، ما يؤكد أهمية المشاركة في الانتخابات التي تعكس وعياً وطنياً عميقاً وإدراكاً لا بديل عنه لضمان وحدة الصف وحماية المكتسبات الوطنية ودفع عجلة الإصلاح والتغيير.
وفي هذا الصدد، أكدت عضو مجلس النواب النائبة عالية نصيف، أن الانتخابات المقبلة تمثل خطوة محورية في إدارة النظام السياسي العراقي، مشددة على أن صوت المواطن هو صوت حيوي ومركزي في عملية التغيير.
وقالت نصيف إن "التشجيع على المشاركة في الانتخابات لا يقتصر على السلطات الحكومية والتشريعية فقط، وإنما يشمل أيضاً الفعاليات الاجتماعية من نقابات واتحادات ومنظمات، التي يقع على عاتقها واجب تحفيز الناخبين"، مشيرة إلى أن الشارع العراقي بدأ يستعيد ثقته بالحكومة بفضل الإنجازات التي تحققت وإعادة الثقة بالمواطن، ما ساهم في كسب الطيف الرمادي المتردد في المشاركة.
وأوضحت نصيف أن "المواطن العراقي أصبح واعياً ومدركاً لمسار النظام السياسي وما يجري في البلد، وهو لا يحتاج إلى من يثقفه بقدر ما يحتاج إلى الثقة والإقناع"، مؤكدة أن "دور السلطات والفعاليات الاجتماعية والإعلام يبقى أساسياً في تحريك الساحة ودعم المشاركة الواسعة، مع عدم إهمال أي صوت عراقي".
بدوره، أكد مستشار رئيس الوزراء ناصر الأسدي، أن "الحكومة الحالية نجحت في استعادة ثقة المواطن من خلال الإنجازات الملموسة في مختلف القطاعات".
وقال الأسدي إن "مبدأ الثقة يقوم على إثبات الجدارة، وهذا ما التزمت به حكومة الخدمات عبر مشاريع حيوية في مجالات الجسور والشوارع والمدن السكنية والنفط والنقل والطاقة والغاز والأتمتة وغيرها من المشاريع التي أنجزت أو هي في طور الإنجاز".
وأضاف أن "هذه المشاريع أثبتت أن الحكومة مصدر ثقة حقيقي، ما يتطلب من المواطن أن يكون جزءاً من هذه المنجزات عبر المساهمة والمشاركة في الانتخابات"، مشيراً إلى أن "عملية الثقة كان لها أثر كبير في إعادة العلاقة بين المواطن والحكومة، لتكون الانتخابات المقبلة خطوة نحو إنتاج حكومة تعكس تطلعات الشعب وتواصل إنجاز المشاريع".
وذكر الأسدي أن "المشاريع الخدمية والتنموية التي تحققت تمثل مرحلة جديدة من العراق، أساسها المشاركة الشعبية واختيار الأفضل من أجل استمرار عملية البناء".
من جانبه، أكد عضو فريق التواصل الحكومي عدنان العربي أن "الحكومة الحالية استطاعت خلال سنتين وتسعة أشهر تحقيق قفزة نوعية في مختلف القطاعات، عبر تنفيذ 10,800 مشروع، أنجز منها بشكل كامل قرابة 6,000 مشروع، فيما لا تزال المشاريع الأخرى قيد التنفيذ أو في طور وضع حجر الأساس والافتتاح".
وبيّن العربي أن "هذه المنجزات توزعت بين بغداد وجميع المحافظات، وأغلبها مشاريع خدمية طالما انتظرها المواطن"، مضيفاً أن "الحكومة ركزت على الجانب الخدمي والعمراني والتنمية، بعيداً عن السياسات التي كانت تعرقل عمل الحكومات السابقة، مما حوّل العاصمة بغداد إلى ورشة عمل مفتوحة، إلى جانب المحافظات الأخرى التي شهدت افتتاحات متتالية بشكل أسبوعي من قبل رئيس الوزراء أو الوزراء أو الحكومات المحلية".
وأشار إلى أن "الحكومة منحت القطاع الخاص اهتماماً كبيراً ليكون شريكاً فاعلاً في دعم الاقتصاد الوطني، فضلاً عن إدخال مشاريع الطاقة الشمسية وانتشار استخدامها بين المواطنين والدوائر الحكومية، كما شهدت البلاد تقدماً في الثقافة المصرفية والدفع الإلكتروني، إذ أصبح متاحاً للمواطنين استخدام بطاقات الدفع في الأسواق والمحال ومحطات الوقود والتسوق عبر الإنترنت، وهو ما يمثل نقلة نوعية خلال عمر الحكومة الحالية".
من جهته، أكد الخبير السياسي حمزة مصطفى، أن المنجزات ذات الطابع الخدمي التي تحققت في ظل الحكومة الحالية تمثل ترجمة عملية للبرنامج الحكومي، مشيراً إلى أن ذلك يحصل للمرة الأولى، إذ جرت العادة أن تتضمن البرامج الحكومية وعوداً واسعة لكن ما يتحقق منها يكون محدوداً.
وقال مصطفى إن "ما تحقق على مستوى الخدمات هذه المرة يعد إنجازاً مهماً وملموساً من شأنه أن يسهم في استعادة ثقة المواطن بالعملية السياسية، رغم الإشكاليات التي ما زالت تحكم علاقات القوى السياسية فيما بينها".
وأضاف أن "المشاريع الخدمية التي أنجزتها الحكومة ستترك أثراً على الساحة الانتخابية المقبلة، لاسيما ونحن مقبلون على الانتخابات بدورتها السادسة"، مشيراً إلى أن "الأمر يتوقف في نهاية المطاف على نظرة المواطن العراقي للانتخابات المقبلة، وما إذا كانت المشاركة ستكون واسعة وجادة أم أن الفجوة ستبقى قائمة بين الشعارات وما تحقق فعلياً على أرض الواقع".
إلى ذلك، أكد المحلل السياسي علي البيدر، أن الحكومة الحالية نجحت في تحويل الوعود إلى منجزات ملموسة على أرض الواقع، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على قناعة المواطنين بالعملية السياسية.
وقال البيدر إن "تنفيذ مشاريع خدمية حيوية في مجالات الطرق والمدارس والمستشفيات مثل عاملًا أساسياً في ترميم الثقة المفقودة بين المواطن والدولة"، مشيراً إلى أن "تحقيق هذه المنجزات جعل المواطن يشعر بأن صوته الانتخابي قادر على إنتاج حكومة فاعلة وقادرة على تلبية المطالب".
وأضاف أن "الإنجازات الخدمية خففت من حدة التوتر بين المواطن والنظام السياسي، وأسهمت في تقليل أصوات المقاطعة للانتخابات تدريجياً".
وأوضح البيدر أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني رفع شعار (حكومة الخدمات) واستطاع أن يحوّل التحديات إلى فرص عملية ترجمت إلى مشاريع واقعية كالجسور والبنى التحتية، وهو ما جعل المواطن يلمس تحسناً ملموساً في حياته اليومية".
ونوه إلى أن "النجاحات المتحققة تمثل قاعدة لتعزيز الثقة بالعملية السياسية وزيادة نسب المشاركة في الانتخابات المقبلة، في وقت بات فيه الإنجاز الخدمي عاملًا حاسمًا في استقرار المشهد السياسي بالعراق".
إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي صفوان قصي، إن "تنظيم السياسات المالية والاقتصادية والزراعية والنفطية وتنفيذها على أرض الواقع يسهم في دعم العملية السياسية وتحقيق التوافق بين طموحات الشعب والمنجزات الحكومية".
وأشار قصي الى أن "الحكومة استطاعت تنفيذ العديد من المشاريع الخدمية والاقتصادية، ما انعكس إيجاباً على زيادة مستوى الثقة بالعملية الديمقراطية، ودفع المواطنين للتطلع إلى مشاركة أوسع في الانتخابات المقبلة لتعزيز قدرة ممثلي الشعب على تنفيذ السياسات الإصلاحية في مختلف القطاعات".
وأضاف أن "تحويل الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد منتج يتطلب تعزيز مستوى التكامل بين إدارة الدولة وممثلي الشعب، ودعم الإصلاحات الهادفة إلى رفع كفاءة الاقتصاد الوطني".
ولفت قصي إلى أن "نجاح هذه العملية مرهون بوجود رجال دولة مؤمنين بأن المستقبل يجب أن يكون أفضل من الحاضر، وبالاستناد إلى موارد العراق التي يمكن أن تضيف قيمة إلى الناتج المحلي الإجمالي وإلى الاقتصاد العالمي".