
عبد الجبار الغراب
تمضي الإدارة الأمريكية نحو إخراجها الكامل والنهائي لكل مسلسلاتها الجاهزة الإعداء والمحددة ضمن أجندتها المرتبة مسبقًا لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع الصهاينة بخصوص إخراجها وانقاذها من كبوتها الكارثية بخصوص عدم تحقيقهم للإنتصار في قطاع غزة، وارتفارع وتنامي كبير لعزلتها الدولية،
جاء ذلك الآن من خلال ما عرف بالاتفاق الأمريكي مع بعض من قادة الدول العربية والإسلامية بشأن إنهاء الحرب في غزة، ووضعهم لخطة سلام تبناها الأمريكان ضمن الهدف المرسوم لهم والتي سعوا الى تحقيقه كمسار بديل لعجز الصهاينة ولعامين كاملين من تحقيق اهدافهم في قطاع غزة وفشلهم في إستعادة الأسرى ولا بالقضاء على حركة حماس عسكريًّا، ولا حتى بتهجير السكان من القطاع، ووصولهم الى عزلتهم الدولية الكاملة بسبب إرتكابهم للإبادة الجماعية.
كان لتوالي الاعترافات من قبل الدول الكبرى الأوروبية بالدولة الفلسطينية تأثيره الكبير على الصهاينة وتهديدهم برد عقابي وذلك بضم الضفة الغربية، فكان لهم ومنذ بداية العدوان سيناريو الذهاب الى إقتضاب أراضي من الضفة الغربية وبناء مستوطنات وإعلانهم بامكانية ضم الضفة وهو ما يعني بمثابة إدخالها ضمن صفقة طالما لوحت بها أمريكا موخرآ عن طريق وزير الخارجية الأمريكية روبيو في زيارته الأخيرة للأراضي الفلسطينية المحتلة وإعطاؤه الأمر بحرية إعلان الضم رداً على الاعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية،
لياتي بعدها ترامب معارضًا لذلك بإعلانه أنه يتعهد بأن إسرائيل لا تضم الضفة، مطمئنا بذلك قادة الأردن وبعض الأعراب، وهو ما ذهب إليه القادة الأعراب لقبولهم بصفقة عدم ضم الضفة الغربية مقابل تسليم قطاع غزة.
خطة السلام الأمريكية العربية الإسلامية التي اسماها ترمب وتشكيل مجلس السلام برئاسته وتولي طوني بلير حاكم فعلي عسكري لقطاع غزة وهو يعتبر تحقيق لأهداف إسرائيل من الناحية السياسية وهو ماعجزت عن تحقيقه طيلة عامين كاملين، وهنا هو السؤال هل ستوافق حماس أم أنها تكتفي بتوكيل القادة الأعراب بتولي المسؤولية، ومن هذا المنحي الخطير لا بد علينا من طرح العديد من التوقعات في ظل هذة الظروف الحالية والإستثنائية البالغة التعقيدات،
فقد يمكن أن يكون لحركة حماس والفصائل الفلسطينية دراسة المقترح والخطة بمسوؤلية وعدم أتهامها أنها من تعرقل جهود السلام خصوصًا مع وجود عدة أطراف عربية وإسلامية لها مساعي مستمرة من وجهة الأمريكان لإنهاء الحرب في غزة كقطر والأردن ومصر والإمارات وتركيا وإندونيسيا وباكستان واظهارهم من قبل الجانب الأمريكي أنهم شاركوا بوضع الخطة وتم قبولها واتفقوا عليها وهنا قد تلجأ الفصائل الفلسطينية إلى عمل تفويض كامل لهذه الدول للمشي قدما ضمن هذه الخطة وهنا ينبغي لنا القول أن الفلسطينيين سيقومون بعمل توكيل لإحراز اتفاق مع الكيان لتجنب اللوم.
وهذا يعني أنه تمت الموافقة العربية الإسلامية الدول التي أجتمعت مع ترامب على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وبمعنى آخر المشي ضمن إطار ما كان يُعرف بـ”صفقة القرن” بعد القيام بتعديلها وإعادة تسميتها إلى “خطة ترمب”، حيث أحتفل ترمب ونتنياهو قبل قليل بإقرارها، لتُباع فلسطين وتُفتح الطريق أمام إجبار باقي الدول العربية على التطبيع.
ويبقى الأمل بالله ثم بأحرار الأمة وقوى المقاومة لقلب المعادلة وتغيير المسار، وهنا فقط نستطيع القول إن ترامب تمخض، وعجز حتى عن أن يلد فأرا، فخطته لغزة، وهو يحاول أن يعطي للكيان بغباوة، أضعاف ما عجز عن الحصول عليه بالقوة، وهي مقدمة لاستعمار من نوع أشد خبثا ولؤما، وإذا كان احتمال رفض (حماس) لها 100%،
فإن شروط نتنياهو، التي صاغها في كلامه، ترفع نسبة احتمال الرفض إلى 200%، إلا إذا كان للحماس رد فعلها في ذهابها الكامل للجامعة العربية أو الدول العربية والإسلامية التي تبنت خطة السلام لأخذ موقف متفق عليه من قبل الجميع وتحميلها المسؤولية الكاملة عن ماسيحدث.
خطة السلام هي بمثابة إعطاء الكيان للمزيد من الاستباحة فوق الأراضي العربية، ولهذا فهو يريد مثلما يفعل بالدولة اللبنانية والسورية في تنفيذ غاراته على أماكن ومدن بدون حساب ولا عقاب وهو ما يريد فعله حاليأ في غزة، فالدول العربية والإسلامية التي كان لها القبول بهذه الخطة وأمام الإعلام وعلى لسان ترامب وتاكيدهم على الموافقة والإذعان والإنصات قد جاءت من نواحي عدة: خوف القادة على أنفسهم وعدم قدرتهم على مواجهة الأمريكان والصهاينة،
فالأردن كان له الإطمئنان من الناحية الأمريكية بعدم ضم الضفة وعدم التهجير السكان الى أراضيها ومصر كذلك، وقبول الأمريكان بإتمام صفقة بيع طائرات أف 35 للأتراك، والسعودية وتلميعها عالمياً كرئيسة لمؤتمر حل الدولتين وذهابها الى عقد التحالف الباكستاني لقادم أحداث مرتب لها واجهتها اليمن وما يشكله التهديدات اليمنية بحسب رؤيتها.
هنا اتضحت الصورة بكل محتوياتها بأن البيع للقطاع تم بوضوح، فالامريكان والصهاينة معروفين بنكثهم للمواثيق والعهود والاتفاقيات، وإلا كيف سير الصهاينة نحو ضم الضفة الغربية وهم الموقعين على اتفاقية مع السلطة الفلسطينية معاهدة (أوسلو) وهو ما يعد خرقاً واضحا لها، ومؤخراً الاتفاق الذي تم مع المقاومة اللبنانية والالتزام بتنفيذ القرار الأممي رقم(1701) وبضمانة أمريكية وفرنسية،
لكن الكيان وبدون لا قيم ولا معايير أخلاقية وبشكل يومي ينتهك السيادة اللبنانية بقصفه المتواصل بالطائرات الحربية والمسيرة فوق رؤوس السكان وإحتلاله لخمس نقاط في الأراضي اللبنانية ورفضه الانسحاب منها، فأين هي المواقف العربية والإسلامية القوية لردع الكيان الصهيوني آملآ فقط من أجل أن يلتزام بالعهود والاتفاقيات التي أبرمها.