
في مشهد يعكس عمق الآرتهان السياسي والعسكري، تتحول العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق إلى مهزلة معلنة عنوانها تقويض السيادة الوطنية ، فبعد أن كان العراق يراهن على امتلاكه لسرب من طائرات F-16 ليشكل قوة ردع استراتيجية في مواجهة التهديدات، باتت هذه الطائرات مجرد أدوات استطلاع لا أكثر، وفق تقنيات لا يملك مفاتيحها سوى الفنيين الأمريكيين.
المعلومات المؤكدة تشير إلى أن الأمريكيين وضعوا قيودًا صارمة على استخدام هذه الطائرات، حيث لا يسمح للعراق بتشغيلها أو توجيه أي ضربة جوية، مهما كانت أهميتها وحساسيتها، إلا بعد الحصول على موافقة مباشرة من واشنطن. وبذلك، يتحكم الجانب الأمريكي بكامل الصلاحيات والإمكانات الخاصة بهذه المنظومة الجوية، في انتقاص واضح من مفهوم السيادة العسكرية.
مصادر عسكرية مطلعة أكدت "هذه الطائرات، التي كان يفترض أن تكون ذراعًا ضاربة للقوة الجوية العراقية، تحولت إلى ما يشبه “الخردة”، إذ لا قيمة عملية لها في ساحة المعركة ، بل إن الطائرات المسيرة (الدرونز)، بإمكانياتها الأقل كلفة والأكثر مرونة، باتت توفر جدوى أكبر للعراق من طائرات F-16 المقيدة، وهنا تطرح تساؤلات من يوقف هذه المهزلة؟ وإلى أي مدى يمكن أن يصل التدخل الأمريكي غير المقبول في الشأن العراقي؟ وهل سيبقى العراق مجرد “مستودع سلاح” بلا سيطرة، أم أن لحظة الحسم لاستعادة القرار السيادي قد حانت؟
ان ما يجري اليوم لا يمثل فقط تقييدًا لقدرة العراق الدفاعية، بل يكشف أيضًا حجم الارتهان الأمني والسياسي لواشنطن، التي تحكم قبضتها على أهم مفاصل القوة العسكرية العراقية ، وفي ظل هذه الهيمنة، يصبح .الحديث عن “استقلالية القرار” مجرد وهم يتبخر أمام صمت رسمي، يثير الشكوك بقدر ما يثير الغضب