السبت 2 أغسطس 2025

  • القسم الرئيسي : العراق .
        • القسم الفرعي : الإقتصادية .
              • الموضوع : مبيعات ممتلكات الدولة في العراق: من الاقتصاد العام إلى المزاد المفتوح؟ .

مبيعات ممتلكات الدولة في العراق: من الاقتصاد العام إلى المزاد المفتوح؟




في بلدٍ مثقل بالديون والأزمات السياسية، لم تعد ممتلكات الدولة في العراق تمثل "ملكاً عاماً" بالمعنى الاقتصادي والسياسي، بل أصبحت تمثل في نظر بعض القوى "غنيمة مؤقتة"، تباع وتُشترى بلا رؤى تنموية، ولا خطط مستقبلية.

منذ عام 2003، بدأت موجة متصاعدة من تصفية الأصول العامة في العراق، شملت عقارات ومصانع وأراضٍ ومقرات حكومية، وصولاً إلى القصور الرئاسية التي كانت يومًا ما ترمز لهيبة الدولة.

لكن هل كانت هذه الإجراءات ضرورة اقتصادية؟ أم كانت بابًا واسعًا للفساد وتصفية ثروات البلاد لصالح فئة محددة؟

1. أرقام تكشف عمق المشكلة

🔹 وفق تقرير ديوان الرقابة المالية لعام 2023:

تم بيع أكثر من 12 ألف عقار حكومي في عموم العراق خلال السنوات الخمس الأخيرة.

أكثر من 60% من هذه العقارات بيعت بأسعار أقل من قيمتها السوقية الحقيقية، ما تسبب بخسائر تتجاوز 3.2 تريليون دينار عراقي.

🔹 ووفق هيئة النزاهة:

نحو 71 مصنعًا حكوميًا تم بيعه أو "تحويل ملكيته" إلى القطاع الخاص بين عامي 2005 و2022.

87% من هذه المصانع توقفت عن العمل نهائيًا، ما تسبب بخسارة آلاف الوظائف، وانخفاض كبير في الإنتاج المحلي.

🔹 أما عن القصور الرئاسية، فتشير مصادر حكومية إلى:

تحويل 35 قصراً ومجمعاً رئاسياً إلى استثمارات تجارية أو سكنية خاصة.

لم تُستثمر أيٌّ منها في مشاريع ثقافية أو خدمات عامة، رغم مقترحات سابقة بتحويل بعضها إلى متاحف أو جامعات.

2. الأسباب الحقيقية وراء البيع

رغم التبريرات التي تسوقها الجهات الحكومية، مثل العجز المالي، وتخفيف العبء الإداري، فإن الواقع يكشف عن أسباب أعمق:

الفساد المنظّم: بعض عمليات البيع تمت عبر لجان غير مستقلة، أو بأساليب ملتوية تُظهر أن "المزاد" قد حُسم قبل أن يبدأ.

غياب التشريعات الرادعة: قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم 21 لسنة 2013، لا يحتوي على آليات شفافة لضمان الرقابة الشعبية أو القضائية.

استغلال النفوذ السياسي: كثير من هذه الممتلكات انتهت في يد متنفذين أو أقاربهم عبر شركات واجهة.

3. النتائج الكارثية على المدى البعيد

تدهور الأمن الغذائي: تحويل الأراضي الزراعية إلى مجمعات سكنية ساهم في تقليص الرقعة الزراعية بنسبة 28% خلال عشر سنوات.

الاعتماد على الاستيراد: العراق يستورد اليوم أكثر من 85% من حاجاته الصناعية والاستهلاكية.

زيادة البطالة: أدى إغلاق المصانع المبيعة إلى فقدان أكثر من 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

فقدان السيطرة على الثروة العقارية: لا توجد قاعدة بيانات موحدة توضح حجم أملاك الدولة المتبقية، أو طريقة التصرف بها.

4. ما العمل؟ الحلول موجودة ولكن الإرادة غائبة

🔸 تجميد البيع فورًا: إعلان وقف مؤقت لجميع صفقات بيع أملاك الدولة لحين مراجعة شاملة.

🔸 إنشاء هيئة وطنية مستقلة لإدارة الأصول العامة، تضم خبراء اقتصاد وقانونيين، وتشرف على إعادة تقييم واستثمار الأصول.

🔸 تشريع قانون "صندوق الأملاك العامة"، يتم من خلاله استثمار ممتلكات الدولة كأصول إنتاجية بدل بيعها.

🔸 إشراك المواطنين: إعلان كل صفقة بيع بشكل علني، عبر منصات رقمية، تسمح للرقابة الشعبية والإعلام بمتابعتها.

🔸 إعادة تأهيل المصانع: دعم شراكات بين الدولة والقطاع الخاص لإعادة تشغيل المصانع، ضمن ضوابط شفافة.

ختامًا: هل العراق للبيع؟

سؤال يبدو صادماً، لكنه يعكس واقعًا نعيشه يوميًا. فالمواطن العراقي يرى كيف تُباع ثرواته قطعةً قطعة، في صفقات لا تنفعه، ولا تنعش الاقتصاد، بل تزيد من شعوره بالتهميش.

إننا بحاجة إلى وقفة وطنية جادة لإعادة تعريف مفهوم "الملكية العامة" في العراق، ليس على الورق فقط، بل في أرض الواقع، عبر تشريعات وإجراءات تحوّل الأملاك العامة إلى مصادر إنتاج لا مصادر نهب.

العراق ليس للبيع،
وممتلكاته ليست غنيمة،
بل أمانة يجب أن تُحمى وتُستثمر لصالح الأجيال القادمة.


  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2025/08/02  | |  القرّاء : 12




عين شاهد
15 قسم
10470 موضوع
2977170 تصفح
الرئيسية
من نحن
إتصل بنا
العراق
السياسية
الأمنية
الإقتصادية
الرياضية
المحلية
كاريكاتير
العراق
صورة وخبر
الصحة
الأسرة والطفل
منوعات
دراسات و بحوث
أقسام أخرى
العالم
مقالات
تقارير
أرشيف
تابعونا





جميع الحقوق محفوظة © 2021 - 2025 تنفيذ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net