الثلاثاء 29 يوليو 2025

  • القسم الرئيسي : مقالات .
        • القسم الفرعي : المقالات .
              • الموضوع : عروش متخمة على بطون خاوية .

عروش متخمة على بطون خاوية

 

 

 

 

 

أحلام الصوفي

بين قصورهم الفخمة وسجادهم المزخرف تسقط صرخات أطفال غزة فلا تبلغ آذانهم ولا توقظ ضمائرهم. يجلس الحكام العرب على عروش صنعتها واشنطن وهندستها تل أبيب، متكئين على وسائد الوهم متظاهرين بالحكمة، فيما شعوبهم تعرف أن ثمن عروشهم كان دوماً دماً فلسطينياً وجوعاً عربياً وقهراً لا يُطاق.

 

ما الذي تبقى من الكرامة حين تتحول أراضي غزة إلى مقابر جماعية بينما تتوالى البيانات الباردة من عواصم عربية ترفل في الأمن والخبز والجبن المستورد؟ هل بات الصمت دبلوماسية؟ وهل أصبحت الخيانة شطارة سياسية؟  

 

إنهم يدركون أن بقاؤهم مشروط بالسكوت، وأن كل كلمة تصدر بحق المحتل قد تُخصم من أرصدتهم في البنوك الغربية أو تُقصيهم من موائد القرار. لذلك يضحّون بغزة كي لا يُضحى بهم.  

 

يراقبون أشلاء الأطفال على الشاشات ويواصلون طقوس الحكم بدم بارد لا يرتعش. يتبجحون بالاعتدال ويبيعون ما تبقى من مروءة في مؤتمرات السلام والتطبيع، وهم يعلمون أن العدو لا يريد سلاماً، بل استسلاماً كاملاً يبدأ من القدس ولا ينتهي عند بوابة خنوعهم.  

 

العيب ليس في غزة الجريحة، بل في أولئك الذين باعوا الكرامة بكسرة حكم، ورضوا أن تكون عروشهم متخمة فوق بطون خاوية من كل شيء إلا من الكرامة والصبر والإيمان بأن الشعوب لا تموت وأن هذه الأمة لا تُقهر طالما أن فيها من يرفض الذل ويؤمن أن النصر قادم لا محالة.

 

وما بين صمتهم المريع ودماء الأبرياء تكتب غزة ملحمة من نور تتحدى بها عتمة الخذلان العربي وترسم بدماء أطفالها خريطة الكرامة من جديد بينما القابعون على العروش لا يحركون ساكناً وكأن الدم الفلسطيني لا يعنيهم وكأن صور الجثث والأنقاض لا تمر على شاشاتهم أو تمر دون أن تهز ذرة من ضمير  

 

يتذرعون بالحكمة وبالحرص على الاستقرار وكأن الوقوف في صف الظالم هو قمة الحياد وكأن الخنوع للمحتل هو قمة الرشد يتحدثون عن القانون الدولي وهم أول من دهسه تحت أقدام مصالحهم يتحدثون عن الإنسانية وقد صارت إنسانيتهم سلعة للبيع في بورصات السياسة  

 

من المحيط إلى الخليج ننتظر صوتاً واحداً يخرج من قصر عربي لا ينافق لا يخاف لكن لا صوت يعلو فوق صوت التواطؤ والخذلان كل شيء مستباح في فلسطين إلا كرامتهم المصطنعة التي لا تحتمل حتى شجباً صريحاً  

 

لكن غزة لا تعول على هؤلاء لم تعول يوماً ولا تنتظر منهم نصراً لأنها عرفتهم جيداً وعرفت أن الطريق إلى الحرية لا تمر من قصورهم بل تمر من بين الركام من زقاق الشهداء ومن بين أيدي المقاتلين الذين لا يملكون إلا الإيمان والإرادة  

 

الجوع في غزة ليس عارضاً طارئاً بل هو سلاح ممنهج يستخدمه العدو وأعوانه لتركع الأرض التي لا تركع حصار خانق ومستمر يمنع الغذاء والدواء ويخنق الأنفاس والموجع أن بعض الأنظمة العربية تتواطأ بالصمت أو المشاركة المباشرة تحت مظلة المصالح أو الأوامر الدولية  

 

في الوقت الذي تتآكل فيه أجساد الأطفال من الجوع وتموت الأمهات قهراً أمام أوجاع لا قدرة لهن على شفائها تنعم بعض العواصم العربية بترفٍ فاحش وتبني عروشاً شاهقة على حساب بطون خاوية في غزة ويزداد المشهد وجعاً حين نرى تلك الأنظمة تغلق أبوابها وأجواءها في وجه قوافل الدعم وتفتحها أمام التطبيع والتنسيق الأمني  

 

لا يمكن فصل الجوع في غزة عن المشهد السياسي العام فهو ليس قدراً بل نتيجة مباشرة لحصار إسرائيلي معلن وصمت عربي مخجل وتآمر دولي واضح ومع كل يوم يمر يصبح الجوع شكلاً من أشكال القتل البطيء تذبح به غزة أمام أعين العالم  

 

لكن رغم الجوع والصمت العربي تبقى غزة حية بإرادة أهلها وصبر أبطالها وتبقى الكرامة هناك أكثر حضوراً من كل قصور الذهب والكراسي الوثيرة وتبقى دموع الأمهات على جوع أطفالهن أقوى من خطابات الزيف والتبرير وتبقى غزة رغم كل شيء عصية على الانكسار.

 #اتحاد - كاتبات-اليمن


  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2025/07/25  | |  القرّاء : 23




عين شاهد
15 قسم
10415 موضوع
2919722 تصفح
الرئيسية
من نحن
إتصل بنا
العراق
السياسية
الأمنية
الإقتصادية
الرياضية
المحلية
كاريكاتير
العراق
صورة وخبر
الصحة
الأسرة والطفل
منوعات
دراسات و بحوث
أقسام أخرى
العالم
مقالات
تقارير
أرشيف
تابعونا





جميع الحقوق محفوظة © 2021 - 2025 تنفيذ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net