
قاسم الغراوي
رئيس مركز انكيدو للدراسات
(ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم، فيميلون عليكم ميلة واحدة).
الاية 102 سورة النساء
“السلام” في كثير من الأحيان شعار براق ترفعه القوى المحتلة أو المستبدة لإقناع الشعوب الmقاومة بتسليم سلاحها، مقابل وعود بالأمن، والاستقرار، والتنمية. لكن عبر التاريخ، تكشّف أن هذه الوعود كثيرًا ما كانت خدعة تُفضي إلى المجازر، والتهجير، والإبادة.
الشعوب التي تخلّت عن سلاحها تحت وهم “السلام” دون ضمانات سيادية حقيقية، وجدت نفسها لاحقًا ضحية للغدر، كما توثّق سجلات التاريخ :
1. الهنود الحمر في أمريكا (القرنان 17 – 19)
. السياق: أقامت القبائل الأمريكية الأصلية اتفاقيات مع المستوطنين الأوروبيين، وقبِل بعضهم التخلي عن أراضيهم وسلاحهم مقابل “الأمان” و”المعاهدات”.
. النتيجة: تعرّضوا لحملات إبادة واسعة، مثل مجزرة “ساند كريك” (1864) ومجزرة “ووندد ني” (1890). أُبيد الملايين، ودُمّرت حضارتهم.
. الدرس: لم تُحترم المعاهدات، بل استُخدمت لتجريدهم من أي قدرة على المقاومة.
2. الشعب الأرمني (1915 – الدولة العثمانية)
. السياق: قبل الإبادة الجماعية، طُلِب من الأرمن تسليم السلاح كإجراء “أمني احترازي”، مع وعود بعدم المساس بهم.
. النتيجة: بعد نزع سلاحهم، بدأت المجازر المنظمة والتهجير القسري، وراح ضحيتها ما يزيد على مليون إنسان.
. الدرس: نُزع السلاح كان تمهيدًا للإبادة.
3. شعب الشيشان (القرن 20 – الاتحاد السوفيتي وروسيا)
. السياق: في تسعينيات القرن الماضي، بعد اتفاقات جزئية لنزع سلاح بعض الفصائل، قُمِعت الmقاومة بعنف، وقصفت العاصمة غروزني.
. النتيجة: عشرات الآلاف من القتلى، وتدمير كامل للمدن، واغتيالات لقادة الmقاومة.
. الدرس: الهدنة كانت فخًا عسكريًا لتصفية الخصوم.
4. البوسنة والهرسك – مجزرة سربرنيتسا (1995)
. السياق: أُعلن عن مناطق آمنة تحت حماية الأمم المتحدة، وطُلِب من المسلمين تسليم سلاحهم.
. النتيجة: بعد نزع السلاح، اجتاحت القوات الصربية مدينة سربرنيتسا، وذبحوا أكثر من 8,000 مسلم أعزل.
. الدرس: حماية دولية وهمية بدون قدرة ردع حقيقية تساوي تسليم رقاب الأبرياء للذبح.
5. فلسطين – نكبة 1948 وما بعدها
. السياق: في بعض المناطق مثل دير ياسين واللد والرملة، استسلم المدنيون أو أُجبروا على تسليم أسلحتهم مقابل ضمانات بعدم التعرض لهم. واليوم يحاولون نزع سلاح الmقاومة في غزة.
. النتيجة: نُفذت مجازر وحملات تطهير عرقي، وتم تهجير مئات الآلاف قسرًا من وطنهم.
. الدرس: الثقة بالعدو دون توازن قوى أو ضمانات دولية محايدة نتيجتها نكبة وجودية.
6. ليبيا – بعد 2003
. السياق: سلّم معمر القذافي برنامج أسلحة الدمار الشامل، وتم تقويض قوة الجيش الليبي طوعًا، مقابل تطبيع العلاقات مع الغرب.
. النتيجة: في 2011، واجهت ليبيا تدخلًا عسكريًا أفضى إلى تدمير الدولة وانقسامها، وتحولها إلى ساحة صراع مفتوح.
. الدرس: نزع السلاح الإستراتيجي جعل البلاد فريسة سهلة لأي تدخل خارجي.
7. العراق – بعد الغزو الأمريكي 2003
. السياق: بعد الاحتلال، حلّ الحاكم المدني بول بريمر الجيش العراقي، وأُلغيت كل المنظومات الأمنية.
. النتيجة: فوضى أمنية، انهيار الدولة، ونشوء الجماعات المتطرفة وسط فراغ سُلّمي خطير.
. الدرس: نزع السلاح المركزي للدولة دون بديل وطني حقيقي يُنتج فوضى دموية طويلة الأمد.
8. أفغانستان – بعد اتفاق الدوحة وسقوط كابل (2021)
. السياق: بعد انسحاب القوات الأميركية، سقطت الحكومة بسرعة لأن الجيش الوطني، رغم تسليحه، كان هشًّا من الداخل ولم يكن يمتلك القرار السيادي، بينما سلم كثير من عناصره سلاحهم دون قتال.
. النتيجة: سقوط العاصمة خلال أيام، وانهيار مؤسسات الدولة.
. الدرس: لا يُعوَّل على جيوش بلا عقيدة وطنية مستقلة أو قرار سياسي حر.
9. واليوم تحاول الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني تجريد جمهورية ايران الاسلامية من سلاحها النووي لتضعيفها والتدخل في شؤونها وتركيعها بحجة ان منطقة الشرق الاوسط وغرب اسيا يجب ان تنعم بالسلام وخالية من السلاح ،مع كون الكيان الصهيوني يمتلك انواع الاسلحة التي تهدد المنطقة ,
وايران تعرف جيدا ان تسليم السلاح بحجة “السلام” دون توازن قوى أو ضمانات حقيقية لا يؤدي إلى أمن بل إلى كارثة.
10.اثارة موضوع تسليم اسلحة الmقاومة وانهاء دور الhشد الشعبي في العراق والدعوة الى تجريدهم من السلاح في ظل التوترات والازمات والتحديات التي تواجه المنطقة و( العراق) لايمكن النظر اليه الا بعين المؤامرة على الشعب العراقي في محاولة لتدميره وتضعيف mقاومته ورفضه الخضوع والاستسلام .وينطبق هذا الضغط على حzب الله الذي اذاق الكيان الصهيوني خسائر كبيرة ويعد تهديدا له.
ان الأمم المتحدة أو القوى الكبرى ليست ضمانًا حقيقيًا لحماية الشعوب المستضعفة، كما أثبتت مجازر البوسنة وفلسطين.
والشعوب التي تتخلى عن قدرتها على الردع تضع نفسها تحت رحمة جلاديها.
إن دروس التاريخ تفرض على الشعوب الحُرّة أن تبقي على سلاحها الmقاوم، ليس لأن الحرب هدف، بل لأن السلاح في يد الأحرار ضمانة للسلم العادل، وليس للاستسلام المذل .كن قوياً يحترمك الجميع