
✍نزار الحبيب
من أخطر الأوراق التي توظفها إسرائيل — أو بالأدق، المنظمة الصهيونية العالمية — في مشروعها الاستراتيجي في المنطقة، هي الورقة الكردية. فالصهاينة ينظرون إلى مشروع “الدولة الكردية الكبرى” على أنها ليست مجرد حلم قومي، بل قاعدة متقدمة جديدة للنفوذ الغربي في قلب جغرافيا المقاومة، تمتد من شمال العراق إلى أجزاء من سوريا وتركيا وإيران.
هذا المشروع ليس معزولًا عن السياق العقائدي والاستراتيجي للصهيونية، بل هو جزء من خطة أوسع تهدف إلى تطويق محور المقاومة الشيعي، وزرع كيان وظيفي في الخاصرة الرخوة للعالم الإسلامي. فالمطلوب ليس فقط تقسيم المنطقة، بل ضرب العمق الشيعي تمهيدًا لمواجهة قادمة يرونها حتمية.
إنّهم يستعدّون لمواجهة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف)، فهو الهاجس الأكبر في حساباتهم، وهو الخطر الحقيقي الذي يؤرق صانعي القرار في مراكز الفكر والاستخبارات الصهيونية. ولذلك يسعون بكل وسيلة إلى تمزيق بيئة الظهور، وتفتيت قواها، وتشتيت بوصلتها، عبر مشاريع ظاهرها سياسي أو قومي، وباطنها استراتيجي عقائدي عميق.
التحليل:
لقد أظهرت الأحداث عبر التاريخ أن إسرائيل لا تتحرك فقط بعقلية احتلال مباشر، بل بمنهج “التفتيت من الداخل” عبر الأقليات والطموحات القومية. وليس خافيًا أن لقاءات علنية وسرية جمعت قادة من الحزب الديمقراطي الكردستاني مع مسؤولي الموساد منذ سبعينيات القرن الماضي، بدعم من شاه إيران آنذاك، واستمرار هذا النهج مع قادة كرد معاصرين، ضمن خطوط تنسيق غير معلنة.
ولعل كلمات الشهيد محمد باقر الصدر حين قال: “إسرائيل غدة سرطانية لا تنمو إلا في جسدٍ متخاذل”، تختصر المسألة. فكلما ضعف الجسد الإسلامي، تمدد هذا الكيان، ليس بجيوشه بل بشبكاته وأدواته الناعمة.
اليوم، على العراق، بل على محور المقاومة بأسره، أن يُدرك أن معركته مع الصهيونية ليست فقط معركة سلاح، بل معركة وعي، وتحصين عقيدة، وإعادة رسم الأولويات بعيدًا عن الانقسامات القومية والمذهبية. فالصهاينة لا يرون في الكرد “حلفاء دائمين”، بل أدوات مؤقتة في معركة وجودهم أمام الظهور الإلهي القادم.
المرحلة تتطلب عقلًا استراتيجيًا مثل عقل الإمام الخميني (قدس سره)، الذي فهم عمق الخطر الصهيوني، وبنى مشروعًا مقاومًا على أساس عقائدي متكامل، لا شعاراتي، وجعل من القدس بوصلة، لا ورقة ضغط