
– منتظر فريد
في السادسة والثمانين من عمره، يبدأ صباحه دائماً بقراءة شيءٍ من القرآن، قبل أن يتناول فطوره الذي يحرص أن يكون مع عائلته. مشروبه المفضل هو الشاي، ويبتهج بكل شيءٍ باللغة العربية، واستضافاته التي لا تنتهي بالشعر والشعراء، فضلاً عن شغفه بالأدب والفنون، حتى يُنقَل أنه في إحدى المرّات اقتنى مجموعة بيتهوفن الموسيقية. يميل أحياناً للاختيار من الأدب العالمي، من “البؤساء” وليس انتهاءً بـ”عناقيد الغضب”، ولكن هوايته المفضلة هي زراعة النباتات والعناية بها.
زوجة، وأربعة أبناء، وبنتان.
رجلٌ يعيش آخر سنوات حياته بين عائلته، مع بطءٍ كبير في الحركة نتيجة تقدّمه في العمر، يُوقَظ من هدوئه قبل صلاة الصبح ليُبلَّغ بمقتل معظم قياداته من الصف الأول الذين كان، قبل سويعات، في تشاورٍ معهم، مع أصواتٍ وهزّات لانفجاراتٍ متكرّرة، وأنباء عن استهدافٍ بـ200 طائرة من أحدث الطرز، والأخبار تتوالى بوجود شبكاتٍ ضخمة من العملاء أشبه بانقلاب.
فماذا يستطيع أن يفعل هذا الرجل الكهل قبل بزوغ الفجر؟
ما كان منه إلا أن أمسك بزمام المبادرة من دون أن يرفّ له جفن أو تأخذه خيفة… الذي قارب التسعين من عمره، لم يحتج إلا إلى سويعاتٍ وهو يجمع شتات أصحابه، ويوجّه ضربةً إلى أعتى أنظمة الهمجية في عقر دارهم، ولأول مرة في تاريخ دويلتهم، بعد أن كان كل الظنّ والتوقّع أن لا يستفيق، ولا تستفيق قواته من صدمة الضربة الأولى.
هنا يتجلّى التجسيد الفعلي لحكمة القيادة وقوّتها، بذات الجسد الهزيل، يقود بكل ضراوة، وبمنتهى المرونة، حرباً دامت 12 يوماً، يختمها بفتح جبهة ثانية تجاه متغطرسٍ آخر.