
جليل هاشم البكاء ||
وأهمّ أو أخبث من يصف عيد الغدير بالطائفية، فهو إما جاهل لا يفقه من أمر الدين شيئًا، أو حاقد يتعمد الطعن في شعيرة إلهية عظيمة. إن عيد الغدير ليس مناسبة طائفية كما يزعم البعض، بل هو في حقيقته إقامةٌ لحد من حدود الله وامتثالٌ لأمره سبحانه، حين أمر نبيه بإبلاغ ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام للأمة، في يوم قال فيه الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا.
فهذا اليوم هو التجلّي الحقيقي لدعوة الله إلى الوحدة، لا التفرقة، إذ أن الاعتصام بحبل الله لا يتحقق إلا بالتمسّك بالولاية التي أمر الله بها، ولاية أمير المؤمنين وأهل بيت النبوة الطاهرين. هذا ليس خيارًا شخصيًا ولا رأيًا سياسيًا، بل هو تكليف شرعي وأمر إلهي، والمسلم الحق هو من يسلّم لأمر ربه دون تردد.
وعندما أُقِرّ عيد الغدير عطلة رسمية في بعض الدول، خرج بعض المنافقين والطاعنين يصفون القرار بالطائفية، في مفارقة عجيبة، إذ أنهم في المقابل لا يتحرجون من الدعوة إلى اعتبار يوم تنصيب من اغتصبوا الخلافة يوم عطلة واحتفال، رغم أنه يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يوم حزن ومصيبة لا ينبغي للمؤمنين أن يجعلوه عيدًا. بل لا يفرح به إلا من نكث البيعة، ومن أضمر في قلبه العداء للرسالة وصاحبها.
عيد الغدير ليس مناسبة مذهبية، بل هو عهد الولاء لله ورسوله وأولي الأمر الحق، ومن واجب المؤمنين إحياؤه وإبرازه كعنوان للوحدة الحقيقية التي أرادها الله، لا وحدة الشعارات الجوفاء. لقد أظهر هذا اليوم ما تضمره الصدور، وتبيّن فيه المؤمن من المنافق، والمحب من المبغض.
فالاحتفال بعيد الغدير هو إعلان للولاء الإيماني، وليس استهدافًا لأحد. هو بيعة متجددة للحق وأهله، وشهادة بأن الدين قد اكتمل يوم نصب الإمام علي عليه السلام أميرًا للمؤمنين.