السبت 14 يونيو 2025

  • القسم الرئيسي : مقالات .
        • القسم الفرعي : المقالات .
              • الموضوع : انهيار مبدأ "الغموض البنّاء": هل تغيّر إيران معادلة الردع النووي في الشرق الأوسط؟ .

انهيار مبدأ "الغموض البنّاء": هل تغيّر إيران معادلة الردع النووي في الشرق الأوسط؟

 

 

 

 

 


طوفان للدراسات الاستراتيجية

منذ عقود، اعتمدت إسرائيل على ما يُعرف في الأدبيات الاستراتيجية بـ"الغموض البنّاء" (Constructive Ambiguity) فيما يتعلق بترسانتها النووية. لم تؤكد ولم تنكر امتلاكها للسلاح النووي، واكتفت برسائل تلميحية مدروسة، جعلت من مشروعها النووي مظلة ردع استراتيجية دون أن تُدخل نفسها في التزامات دولية أو مساءلة قانونية.

لكن الإعلان الإيراني الأخير عن الاستيلاء على أرشيف نووي ضخم وسري من داخل إسرائيل، حوّل هذه المعادلة إلى ما يُشبه ورقة محترقة، وسدّد ضربة مباشرة إلى العقيدة الأمنية الإسرائيلية القائمة على السرية، الغموض، والمفاجأة.

ما الذي تغيّر؟

وفقاً لما أوردته وسائل إعلام رسمية وشبه رسمية في طهران، فإن جهاز الاستخبارات الإيراني أصبح بحوزته "وثائق استراتيجية بالغة الحساسية" تتعلق ببنية البرنامج النووي الإسرائيلي، منشآته، خرائطه، ونقاط ضعفه. وبينما لم تُنشر بعد سوى لمحات محدودة، فإن مضمون الرسالة واضح: الطرف الإيراني بات يملك المعرفة الدقيقة، وربما القدرة العملياتية، على ضرب أي منشأة نووية إسرائيلية في حال اندلاع مواجهة شاملة.

المعادلة الاستراتيجية تتبدّل:

ردع مقابل الردع: إذا ثبتت صحة المعلومات الإيرانية، فإننا أمام تحول استراتيجي حقيقي. فبينما كانت إسرائيل تُهدد بمظلتها النووية، أصبحت اليوم مكشوفة أمام خصم يملك أدوات الفهم، وربما الاختراق، لهذا الملف. الردع الأحادي تحوّل إلى ردع متبادل، ولو جزئيًا.

ضغط دولي محتمل: إيران قد تستخدم هذه الوثائق – أو أجزاء منها – لإعادة فتح ملف إسرائيل النووي على طاولة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبهذا، تُحوّل التناقض التاريخي في تعامل المجتمع الدولي مع طهران وتل أبيب، إلى ملف دولي محرج، يُضعف شرعية الاستثناء الإسرائيلي ويفتح المجال أمام حراك دبلوماسي جديد تقوده قوى صاعدة مثل الصين وروسيا.

إسرائيل في حالة هشاشة استخبارية: اختراق هذا النوع من المعلومات – سواء عبر عملاء داخليين أو عمليات سيبرانية معقدة – يعني أن قدسية الأمن الإسرائيلي قد تكسّرت. الدولة التي كانت تفاخر بأجهزة استخباراتها، باتت الآن في موقع الدفاع، والتساؤل: من التالي؟ وأين الخرق القادم؟

نتنياهو على حافة الانهيار السياسي: وسط هذا الزلزال الأمني، يقف رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام واقع داخلي شديد الاضطراب. حرب استنزاف مستمرة، انقسامات اجتماعية عميقة، وعزلة سياسية متصاعدة. عملية التسريب هذه قد تكون القشة التي تُقصم ظهر زعامته، خصوصًا إن تبيّن لاحقًا أن الإخفاق حدث في عهده وتحت إشراف أجهزته.

إذا كان ميزان القوى في الشرق الأوسط يُبنى على قواعد الردع والخداع والهيمنة المعلوماتية، فإن ما حصل في الأيام الأخيرة يُعيد رسم هذه القواعد. إسرائيل، ولأول مرة منذ نشأتها، تفقد سيطرتها على "رأس المعرفة" في أخطر ملفاتها.

وإيران، بصبر استراتيجي لافت، تُلوّح لا بالضربة... بل بالمعلومة كسلاح استراتيجي مؤجل، يُستخدم حين تتقاطع الظروف مع القرار.

المنطقة دخلت مرحلة جديدة، حيث لا تُحتَكَر الأسرار، ولا يُحمى الردع بالغموض وحده.


  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2025/06/08  | |  القرّاء : 23




عين شاهد
15 قسم
10109 موضوع
2491015 تصفح
الرئيسية
من نحن
إتصل بنا
العراق
السياسية
الأمنية
الإقتصادية
الرياضية
المحلية
كاريكاتير
العراق
صورة وخبر
الصحة
الأسرة والطفل
منوعات
دراسات و بحوث
أقسام أخرى
العالم
مقالات
تقارير
أرشيف
تابعونا





جميع الحقوق محفوظة © 2021 - 2025 تنفيذ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net