
أم هاشم الجنيد
منذ أن نزل الوصف الإلهي في كتاب الله: "ضُرِبَتْ عليهم الذلّة والمسكنة"، واليهود يعيشون هاجس هذا الحُكم السماوي، يحاولون التملص منه بمكر السياسة، ونفوذ المال، وسطوة الإعلام، لكن ما إن يُمتحنوا في ميدان المواجهة، حتى يظهر عجزهم، وتتجلى حقيقتهم المدونة في صحائف الوحي.
لقد قامت دولتهم المسماة "إسرائيل" على حطام النكبات وأشلاء الأبرياء، مدعومة من قوى الهيمنة العالمية، لتكون خنجرًا في خاصرة الأمة، وتروّج لنفسها كقوة لا تُقهر. فصنعوا من إعلامهم حصنًا كاذبًا، ومن جيشهم وهمًا مرعبًا، واستطاعوا عبر أدوات التطبيع أن يجعلوا من وجودهم واقعًا مفروضًا.
لكن، من بين الركام، ومن أرض أنهكتها الحروب والحصار، نهض اليمن، لا بترف الإمكانيات، بل بعنفوان الإيمان، وبوعيٍ قرآنيّ فاق كل حسابات الساسة. فأعلن موقفه بكل شجاعة، وانخرط في معركة الكرامة، لا لأجل غزة فقط، بل لأجل تطهير العقل العربي من عقدة الوهم أمام العدو الذي لا يُهزم.
اليمنيون لم يركنوا إلى الخطابات، بل حملوا سلاحهم، وسددوا صواريخهم، وجعلوا من سماء فلسطين ميدانًا لوعد الله. فجعلوا مستوطنات العدو تهتزّ تحت أقدام أطفالهم، وأربكوا تل أبيب، وحطّموا أسطورة القبة الحديدية. لقد فرضوا الذلّة على اليهود، لا بقرارات دولية، بل بصواريخ تصنعها الأيادي المؤمنة، صناعة يمنية خالصة.
إنها ليست مجرد معركة عسكرية، بل معركة وعي وتاريخ وهوية. فقد أعاد اليمن توصيف العدو من جديد إلى ما وصفه الله به، إلى ما عرفه المسلمون عبر التاريخ، إلى ما تجاهله المطبعون المتهافتون على موائد الخيانة. لقد أثبت اليمن أن هذا الكيان ليس قوة خارقة، بل نمرٌ من ورق، ينتفض هلعًا من أزيز طائرة مسيّرة أو صافرة إنذار.
فهل ستستيقظ بقية الأنظمة التي رهنت إرادتها في يد واشنطن وتل أبيب؟
هل سيقتدي المطبعون بمن رفعوا رأس الأمة في صنعاء؟
هل يدركون أن اليمن لم يدخل الحرب طمعًا، بل التزامًا؟
وأن ما يفعله اليوم هو دفاع عن شرف الأمة وكرامة قضاياها؟
إن ما حدث في غزة كشف الزيف، وما فعله اليمن فضح الغطاء وأعاد تعريف القوة.
القوة ليست في المال، ولا في الجيوش التي تستعرض، بل في القرار الحر، والنية الخالصة، والموقف الذي لا يُساوم.
ومن هنا، لا بد أن يُقال بملء الفم:
إن اليمن قد فرض الذلّة على اليهود، وأعاد التوصيف إلى نصابه، وبيّن أن وعد الله لا يُكسَر إذا وُجد من يحمله بصدق.
#اتحاد_كاتبات_اليمن