
رياض البغدادي ||
من الجيد أن يكون للإنسان موقف تجاه القضايا العامة، على أن يكون هذا الموقف مصحوبًا بممارسات فعلية تؤدي إلى النتيجة المراد تحقيقها.
اليوم، ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية في العراق سينتج عنها تشكيل حكومة تقود إدارة البلاد للأربع سنوات القادمة، ولكي نحدد الأهداف المراد تحقيقها من المشاركة في الانتخابات، نقول وللأسف يوجد عدم إجماع شعبي على الأهداف المصيرية والاستراتيجية في العراق، وذلك بسبب الانقسام الطائفي.
فالأكراد لهم أهداف استراتيجية وأهمها الاستقلال عن الدولة العراقية وتشكيل دولة كردية، ولهم أهداف مرحلية أهمها الخدمات ومعالجة الفقر.
أما السنة في العراق فلهم هدف استراتيجي وهو عودة السلطة إليهم بعد أن فقدوها بسقوط حزب البعث المجرم، ولهم أهداف مرحلية منها الخدمات وحل الحشد الشعبي وتحسين الظروف المعيشية.
بينما الشيعة فلهم أهدافهم الاستراتيجية وهي تحقيق الأمن والوحدة والاستقرار السياسي للبلاد، وأهداف مرحلية وهي إنهاء الاحتلال الأمريكي وتحسين الخدمات والقضاء على الفقر.
ولأجل مناقشة قرار المقاطعة الذي يروج له بعض المواطنين، أود أن أسألهم سؤالًا محددًا: ما هو الغرض من المقاطعة؟ سواء كنت كرديًا أو سنيًا أو شيعيًا، ما الذي تريد تحقيقه من اهدافك المرحلية او الاستراتيجية من قرارك بمقاطعة الانتخابات؟
فلو أخذنا العامل المشترك لأهداف وطموحات جميع الطوائف، سنجده يتمثل بأمرين: الأول هو الخدمات، والثاني تحسين ظروف المعيشة والقضاء على الفقر.
ترى ما الذي يمكن تحقيقه من قرارك بالمقاطعة؟
فأنا وأنت والعالم كله يعلم أن الانتخابات لا يوقفها شيء، وستكون نتائجها ملزمة حتى لو ذهب إلى الانتخابات ألف عراقي فقط، لأنه لا يوجد قانون في العراق ولا في غيره من البلدان يسلب العملية الانتخابية شرعيتها فيما لو كانت نسبة المشاركة ضعيفة، وهذا أمر مفروغ منه، ففي أعرق ديمقراطيات العالم، تهبط نسبة المشاركة فيها في بعض الأحيان إلى أقل من 20% ورغم ذلك تعتبر انتخابات شرعية.
أعود وأسأل المواطن المقاطع: ممكن أن تذكر لي ما حققته من مقاطعتك للسنوات السابقة؟
إخوتي الكرام، مقاطعة الانتخابات لها شكلان:
الشكل الأول هو المقاطعة الجماهيرية، وهي عملية جيدة ومفيدة للتعبير عن عدم شرعية الانتخابات بشرطين:
الأول: أن يكون قرار المقاطعة قراراً شعبيًا يشمل جميع مدن العراق وقصباته وبجميع طوائفه.
الثاني: أن تتبنى هذه المقاطعة جهة سياسية أو شعبية أو قيادة روحية محترمة ومقبولة ومحل ثقة لجميع العراقيين بكل طوائفهم، تعلن المقاطعة وتشترط على الدولة أمورًا يراد تحقيقها مقابل إلغاء قرار المقاطعة.
وبتحقيق هذين الشرطين، تكون للمقاطعة مردودها العملي المفيد للشعب.
الشكل الثاني للمقاطعة هو المقاطعة الحزبية، وهي الأخرى تحصل وتتكرر في الكثير من البلدان، منها على سبيل المثال قرار الإخوان المسلمين في الأردن الذين عادة ما يعلنون المقاطعة قبل كل انتخابات لإجبار الحكومة على تحقيق بعض المطالب، وهو أمر سياسي لم يحدث في العراق لحد الآن إلا أيام الاستفتاء على الدستور الذي قاطع التصويت عليه الحزب الإسلامي بقيادة طارق الهاشمي، وبعد تحقيق شروطه ألغى المقاطعة وشاركت جماهير الحزب بالتصويت.
بعد هذا الكلام، أكرر سؤالي للمواطن الكردي أو السني أو الشيعي: هل تتصور أنك ستحقق أهدافك من قرار مقاطعتك للانتخابات؟
انا شخصياً سوف اشارك في الانتخابات ولو لأجل تحقيق الحد الأدنى من اهدافي المرحلية …
موعدنا صناديق الاقتراع