
د. عائد الهلالي ||
لقد وصلت إلى قناعة مطلقة لا تقبل الجدل أو التردد، قناعةٌ صاغتها التجربة، وساهمت الأيام بمراراتها في نضجها. لم تعد العواطف المنفلتة أو الشعارات الجوفاء تغريني، فقد رأيت بعيني كلفة الاندفاع غير المحسوب، ودفعت الأوطان أثماناً باهظة لمقامرات لم تكن مدروسة، بل كانت رهانات على حساب الشعوب ومستقبلها.
إنني أرفض اليوم، بكل وعي ويقين، أن أخضع لأي ابتزاز تمارسه المنظمات الدولية، تلك التي كثيراً ما تتشدق بالشرعية وحقوق الإنسان، بينما تمارس على الدول المستقلة ضغوطاً خفية وصريحة، لا غاية لها سوى إضعاف القرار الوطني والسيطرة على الموارد والمواقف.
لا أرغب، ولن أقبل، أن أخسر نصف جيشي ومعداته في معارك عبثية تُخاض لأجل غرور القائد الأجوف ومجموعة الحثالة المحيطين به وكذلك كسب رضا الخارج أو تحقيق مكاسب مرحلية سرعان ما تتبخر، بينما يبقى الوطن يعاني جراحاً لا تندمل.
ولا أرغب في حصار آخر يأكل الأخضر واليابس، يعصف بالاقتصاد ويذل الشعب، لنجد أنفسنا مجدداً نطرق أبواب العالم متوسلين رفعه، فيما تُرهن مقدراتنا مقابل الوعود، وتُسلب إرادتنا مقابل الخروج من عنق الزجاجة.
لقد سئمنا من المغامرات المجنونة، التي يقودها كل مرة “معتوه جديد”، يُقامر بمصير الأمة ويخدع الناس بشعارات “المواجهة” و”الصمود”، بينما يدفع المواطن البسيط ثمن كل ذلك من قوته وأمنه وأحلامه.
اليوم، لا نملك ترف المجازفة ولا وقت المناورة. ما نحتاجه هو وعيٌ يقظ، وقرار سيادي لا يخضع للانفعالات، بل يستند إلى مصلحة الوطن أولاً وآخراً. الحوار السبيل الوحيد للعراق للوقوف بوجه العاصفة.
الدكتور .. عائد الهلالي