إلياس خضر ..
لا يحتاج المرء إلى الكثير من البحث ليرى حجم الإجرام الذي تمارسه جماعة أبو محمد الجولاني، أو ما تُعرف اليوم بـ”هيئة تحرير الشام”، ضد الأقليات في سوريا، وعلى رأسهم العلويون. فمنذ انطلاقها، حملت هذه الجماعة فكرًا تكفيريًا يقوم على الإقصاء والدم، مستهدفة كل من يخالفها، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين.
المجازر التي ارتكبتها هذه الجماعة بحق العلويين في سوريا ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي جزء من استراتيجية متكاملة تهدف إلى فرض رؤيتها بالقوة. فقد شهدت مناطق عدة، مثل ريف اللاذقية وحماة، هجمات وحشية طالت قرى بأكملها، حيث قُتل المدنيون بدم بارد، ودُمِّرت البيوت فوق رؤوس ساكنيها، في مشهد يعيد إلى الأذهان أسوأ فصول الحروب الطائفية.
المفارقة أن الجولاني، الذي يسوّق نفسه اليوم كرجل “براغماتي” يسعى لحكم إدلب بواجهة أكثر اعتدالًا، لم يتغير في جوهره.
فالفكر الذي غذّى تلك الجرائم لا يزال حاضرًا، بل بات أكثر خطورة مع محاولات التجميل السياسي التي يحاول من خلالها خداع المجتمع الدولي.
كيف يمكن لجماعة قامت على سفك الدماء أن تتحول فجأة إلى طرف سياسي قابل للتفاوض؟
ما يزيد الطين بلة هو الدعم غير المباشر الذي تتلقاه هذه الجماعة من بعض القوى الإقليمية، سواء عبر التساهل معها ميدانيًا أو غضّ الطرف عن تمويلها. والنتيجة هي أن آلة القتل لا تزال تعمل، والضحايا هم الأبرياء الذين يدفعون ثمن لعبة النفوذ والمصالح.
في النهاية، قد تتغير الأسماء، وقد تتبدل التكتيكات، لكن الحقيقة تظل واحدة: الإرهاب لا يمكن أن يكون شريكًا في السلام ، وما لم يكن هناك موقف دولي حازم تجاه هذه الجماعة وأمثالها، فإن شبح الإجرام سيظل جاثمًا على صدور السوريين، وستبقى العائلات العلوية وغيرها من الأقليات في مواجهة خطر وجودي لا يمكن تجاهله
|