• الموقع : وكالة عين شاهد .
        • القسم الرئيسي : مقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : معالجة فرنسية لفقدان الذاكرة العراقية .

معالجة فرنسية لفقدان الذاكرة العراقية

 

 

 

 

كتب / سلام عادل

من كان بلا ذاكرة يبقى بلا تاريخ، ومن كان بلا تاريخ ليس له جغرافيا، والتاريخ والجغرافيا من ضروريات بناء الدولة الوطنية، كما يقال، ولهذا يبدو تضييع الأرشيف الوطني العراقي وتخريبه عملية مقصودة، إذا لم تكن مؤامرة خبيثة لإفراغ البلد من أصله وفصله، وتركه مجرد فر

 

لا أحد يتخيل حتى يرى بعينيه، أن العراق لديه تسجيلات وأفلام نادرة تتحسر عليها مؤسسات الأرشيف في جميع دول المنطقة والعالم، من بينها مقاطع فلمية لتنصيب ولي عهد النمسا امبراطوراً، أو شريط يظهر فيه مهندس بريطاني يعمل لصالح شركة BP العملاقة، وهو يسبح في بركة من النفط الخام جنوبي البصرة ويصرخ فرحاً (ذهب ذهب /Gold Gold)، وذلك لحظة اكتشاف أول بئر نفطي في تلك المنطقة.

 

ولهذا وجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتفعيل لجنة الحسن بن الهيثم العليا للذاكرة العراقية المرئية، والتي الغرض منها حفظ الأرشيف المرئي للدولة العراقية، وهو توجه حكومي تأسس في حكومة السيد عادل عبد المهدي عام 2019، إلا أن الأحداث السياسية والاضطرابات، التي حصلت في تلك الفترة، تسببت بتوقف الأعمال، ومن ثم لاحقاً أهملت حكومة (كاظمي) ما تم العمل عليه، وتركت مقتنيات الذاكرة، وهي أعداد لا تحصى من الشرائط السينمائية والكاسيتات في حالة يرثى لها.

 

والجدير بالذكر هنا أن (كاظمي)، أحد الذين تسببوا بضياع قسم كبير من أرشيف الدولة دون معرفة مصيره حتى اللحظة، وحصل ذلك حين تولى إدارة مؤسسة الذاكرة العراقية، التي تشكلت بتمويل وتوجيه أمريكي سنة 2003، وجمع فيها أرشيف حقبة نظام صدام مع وثائق حساسة وأضابير أمنية وشخصية وتاريخية، ولكن للأسف الشديد لا يوجد لهذه المؤسسة، حتى ولو موقع إلكتروني، يمكن الاطلاع عليه أو الاستحصال منه على أي معلومة أو صورة فوتوغرافية.

 

ومن كان بلا ذاكرة يبقى بلا تاريخ، ومن كان بلا تاريخ ليس له جغرافيا، والتاريخ والجغرافيا من ضروريات بناء الدولة الوطنية، كما يقال، ولهذا يبدو تضييع الأرشيف الوطني العراقي وتخريبه عملية مقصودة، إذا لم يكن مؤامرة خبيثة لإفراغ البلد من أصله وفصله، وتركه مجرد فراغ بلا ملامح وبلا انتماء، وهو ما يدفع اليوم إلى ملء هذا النقص لتعزيز الهوية الوطنية للعراقيين، من خلال إعادة جميع وترميم وحفظ كل ما له علاقة بالمنتج الفني والثقافي والإعلامي، والعمل على تحويله إلى مادة رقمية حديثة.

 

وعلى هذا بدأ العمل على هذه المهمة منذ أشهر، من خلال اللجنة العليا للذاكرة المرئية، تحت إشراف مستشار رئيس الوزراء الدكتور حسن السوداني، وبالشراكة والتعاون مع الوكالة الفرنسية للخبرة التقنية الدولية (اكسبرتيز فرانس)، لإطلاق مشروع (سينماتك العراق) كخطوة أولى للعمل على ترميم وحفظ أكثر من 100 فيلم سينمائي عراقي، فضلاً عن تدريب العراقيين على تقنيات إدارة الأرشفة المرئية وتوطين الأجهزة والمعدات الخاصة بهذا الشأن.

 

وفي ظل هذا الاتجاه ستتسع الخطوات أكثر لتشمل بناء مكتبة عراقية مرئية تخدم مسار الدراسات والبحث العلمي والإنتاج الصوري، ولعل ذلك يستمر مع دوام الدعم الحكومي، الذي يتغذى بالطبع على الاستقرار السياسي والأمني، الذي بدأ يترسخ منذ سنتين نتيجة الفاعلية الإيجابية لرئيس الوزراء، والتفاعل المسؤول من قبل القوى السياسية والمجتمع والنخبة، وهو ما يجعل التفاؤل يزداد باستعادة الذاكرة الوطنية العراقية وإعادة إحيائها في عقول الرجال والنساء والأجيال القادمة.


  • المصدر : http://www.ayn-shahid.com/subject.php?id=9161
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 02 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 20