المقدمة

الانتخابات تعدّ ركيزة أساسية في بناء الديمقراطية وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، وهي فرصة مهمة للعراقيين لاختيار ممثليهم وتحقيق التغيير المنشود. ومع اقتراب الانتخابات العراقية المقبلة، يبرز التساؤل حول مدى نجاحها في تحقيق العدالة والنزاهة، بعيدًا عن التأثيرات الحزبية والطائفية. يعتمد نجاح الانتخابات على مجموعة من العوامل، أبرزها نزاهة العملية الانتخابية، ووعي الناخبين، ودور الدولة في ضمان بيئة انتخابية عادلة وآمنة.

--

أولًا: معايير نجاح الانتخابات

لضمان نجاح الانتخابات العراقية، يجب توفر عدة معايير أساسية، منها:

1. النزاهة والشفافية

توفير رقابة وطنية ودولية على العملية الانتخابية.

منع التلاعب والتزوير عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة.

إعلان النتائج بشفافية وبشكل سريع لمنع الشكوك والتأويلات.

2. بيئة آمنة ومستقرة

ضمان الأمن للمرشحين والناخبين خلال العملية الانتخابية.

منع التدخلات المسلحة أو الضغط السياسي على الناخبين.

تأمين المراكز الانتخابية من أي تهديدات إرهابية أو أعمال عنف.

3. وعي الناخبين وأهمية المشاركة

تعزيز الثقافة الانتخابية لدى المواطنين عبر وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني.

توعية الناخبين بأهمية التصويت للأصلح، بعيدًا عن المحاصصة والطائفية.

تشجيع الشباب والنساء على المشاركة الفاعلة في العملية السياسية.

4. عدالة القانون الانتخابي

وضع قانون انتخابي عادل يضمن تمثيلًا متوازنًا لجميع فئات المجتمع.

منع استغلال النفوذ السياسي والمالي في الترويج للمرشحين.

ضمان فرص متساوية للأحزاب والمستقلين في الترشح والتنافس.

---

ثانيًا: التحديات التي تواجه نجاح الانتخابات

على الرغم من الجهود المبذولة لضمان نزاهة الانتخابات، إلا أن هناك تحديات تواجه نجاحها، منها:

1. التدخلات السياسية والحزبية

محاولات بعض الأحزاب التأثير على الناخبين بوسائل غير مشروعة.

استخدام المال السياسي لشراء الأصوات أو التأثير على النتائج.

2. ضعف الثقة الشعبية في العملية الانتخابية

تزايد نسب العزوف عن التصويت بسبب الإحباط من الأداء السياسي السابق.

الشكوك حول إمكانية التغيير الحقيقي عبر صناديق الاقتراع.

3. التحديات الأمنية

خطر الإرهاب والعنف الذي قد يؤثر على سير الانتخابات في بعض المناطق.

إمكانية استغلال بعض الجهات للانفلات الأمني لتحقيق مصالحها.

4. التحديات التقنية والإدارية

الحاجة إلى تحسين الأنظمة الإلكترونية لمنع أي اختراقات أو تزوير.

ضمان تدريب جيد للكوادر المشرفة على الانتخابات.

---

ثالثًا: متطلبات نجاح الانتخابات العراقية المقبلة

لمعالجة هذه التحديات، يجب اتخاذ خطوات جدية لضمان انتخابات نزيهة وشفافة، ومن أهمها:

1. تعزيز استقلالية المفوضية العليا للانتخابات

تعيين شخصيات مهنية مستقلة بعيدًا عن أي تأثيرات سياسية.

دعم المفوضية بالتكنولوجيا الحديثة لضمان الشفافية.

2. إجراءات رقابية صارمة

السماح للمنظمات المحلية والدولية بمراقبة الانتخابات لضمان نزاهتها.

فرض عقوبات على أي جهة تحاول التلاعب بنتائج الانتخابات.

3. تحفيز المشاركة الشعبية

إطلاق حملات توعية حول أهمية الانتخابات في التغيير السياسي.

تشجيع الناخبين على اختيار ممثليهم بناءً على الكفاءة والنزاهة.

4. تعزيز دور القضاء في حماية العملية الانتخابية

سرعة البت في الشكاوى والطعون الانتخابية لضمان عدالة النتائج.

محاسبة أي جهة تتورط في التلاعب بالأصوات.

---

الخاتمة

نجاح الانتخابات العراقية المقبلة يعتمد على مدى توفر النزاهة، والأمن، والوعي الشعبي، ودور المؤسسات في حماية العملية الديمقراطية. العراقيون أمام فرصة مهمة لإحداث تغيير حقيقي عبر اختيار ممثلين أكفاء قادرين على بناء دولة المؤسسات، بعيدًا عن الطائفية والمحاصصة. ولذلك، فإن المشاركة الفاعلة في الانتخابات مع الالتزام بالمعايير الديمقراطية هي السبيل لتحقيق مستقبل سياسي مستقر ومزدهر للعراق.د-سعد البخاتي