سمير السعد ||
في مشهدٍ يعكس فوضى الخطاب السياسي والاستغلال الواضح للأزمات، خرج السيد حيدر الملا بتقديم طلب إلى رئيس مجلس النواب، الدكتور محمود المشهداني، لعقد جلسة برلمانية خاصة للرد على النائب مصطفى سند. السؤال الذي يطرح نفسه هنا ،
بأي صفة يقدم السيد الملا هذا الطلب؟ ومن منحه الحق ليتحدث باسم البرلمان أو ليرفع التكليف ويتجاوز الأطر الرسمية؟
علاقتك الشخصية برئيس مجلس النواب، إن وجدت، لا تعطيك الصلاحية لتخاطبه بعبارة “عمي” وكأنك في مجلس عائلي لا في مؤسسة تمثل الشعب العراقي وتعمل وفق دستور وقانون. مجلس النواب هو مكان للحوار المؤسسي الجاد، وليس ساحة لتصفية الحسابات أو استعراض العضلات السياسية على حساب استقرار الوطن.
العراق اليوم أقوى من محاولات خلط الأوراق أو استغلال الأزمات لتحقيق مكاسب شخصية أو إعلامية. هذه التحركات التي لا تخدم الصالح العام،
بل تسعى لخلق أجواء من الفوضى، لن تجدي نفعاً أمام شعب واعٍ يدرك من يعمل لمصلحته ومن يحاول التسلق على أزماته.
ليس دفاعاً عن النائب مصطفى سند، فهو قادر على الدفاع عن نفسه إذا تطلب الأمر، ولكن الحقيقة تُقال ، لا يحتاج العراق اليوم إلى “بالونات إعلانية” أو أصوات تُثير الجدل دون هدف واضح. البلاد بحاجة إلى أفعالٍ لا أقوال، وإلى رجالٍ يضعون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
السيد الملا، الشعب العراقي لا يحتاج إلى مدافعين عن قضاياه بأجندات شخصية. لقد جُرّب الكثير، وكما يقول المثل ” المجرّب لا يُجرّب.” دعوا العراق يمضي في طريقه، بعيداً عن الضجيج المفتعل والخطابات الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
إن الوطن لا يبنى بالتصريحات الرنانة أو بمحاولة سرقة الأضواء عبر المواقف
الاستعراضية، بل بالعمل الجاد والمسؤولية الحقيقية. العراق اليوم يمر بتحديات جسام، لكنه أيضاً أثبت مراراً أنه قادر على الصمود أمام الرياح العاتية، بفضل وعي شعبه وإرادة مؤسساته التي تعمل على تحقيق الاستقرار والتنمية.
لا أحد ينكر حق الجميع في التعبير عن آرائهم أو تقديم مقترحاتهم، لكن ذلك يجب أن يتم في إطار القانون والدستور، وليس عبر مخاطبات شخصية تنم عن تجاوز واضح للصلاحيات. العراق دولة قانون، والمؤسسات الرسمية لا تستجيب لطلبات شخصية لا تحمل أي صفة شرعية أو مسوغ قانوني.
إن محاولة ركوب موجة الأحداث وإطلاق دعوات ظاهرها الدفاع عن الحق وباطنها المصلحة الشخصية، أصبحت مكشوفة لدى العراقيين. على السياسيين والمسؤولين إدراك أن الشعب لن ينساق وراء محاولات التشتيت أو التلاعب بالرأي العام.
اخيرا ، دعونا نعمل جميعاً، كلٌ في موقعه، على خدمة العراق وشعبه بعيداً عن المناكفات الشخصية والتكتيكات الإعلامية التي لا تخدم أحداً. العراق يستحق منا جميعاً أن نكون على قدر المسؤولية، لا أن نجعل من المنابر وسيلة للبحث عن الأدوار أو تصفية الحسابات.
|