جليل هاشم البكاء ||
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، أمير المؤمنين وباب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هو سرّ من أسرار الله تعالى، وهبةٌ عظيمة منحها الله لمن أكرمه بالهداية والاستبصار. من تفكر في سر علي عليه السلام واستبصر بحقيقته، فقد ملك السعادة الحقيقية، لأنه انتقل من الظلمات إلى النور، ومن الحيرة إلى اليقين …
ولاية علي عليه السلام ليست مجرد علاقة عاطفية أو تاريخية، بل هي هبة إلهية يُنعم الله بها على من اصطفاه من عباده، فهي علامة المحبة الإلهية. قال الله تعالى … اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وما من نور أعظم من نور ولاية علي عليه السلام …
من فتش عن سر علي واستبصر سيكون الأسعد …
الاستبصار … نعمة الله على عباده الصالحين …
من يُهدِ الله إلى ولاية علي عليه السلام، فقد أكرمه بميزة عظيمة، إذ جعله من صفوة عباده الذين اصطفاهم. هذه الهداية ليست متاحة للجميع؛ فهي رزقٌ إلهي يُمنح لمن طهّر قلبه وأخلص نيته. ومن حُرِمَ منها، إما كان ممن غضب الله عليهم كالخبثاء والمنافقين، أو كان من الضالين الذين لا يزال الجهل يغشاهم …
لكن الضال، إذا أشرق عليه نور العلم والمعرفة، إذا زال عنه الجهل، فإنه سيقترب تدريجيًا من ومضة الهداية. لأن عليًا عليه السلام لا يقترب منه إلا القلوب النظيفة والأرواح الطاهرة، وما من إنسان شريف ونزيه إلا ويجد نفسه ينجذب إليه بفطرته السليمة …
حب علي علامة الإيمان، وبغضه علامة النفاق …
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم … يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق … وهذا الحديث الشريف يكشف عن جوهر العلاقة بين الإيمان وحب علي عليه السلام. فمحبة علي ليس أمرا اختياريًا، بل هي ميثاقٌ إلهي، ومن أبغضه فقد أبغض الله ورسوله …
وموالاة أعداء علي عليه السلام ليست إلا صورة من صور الكفر والنفاق، لأن عليًا هو تجسيد الحق، وهو الذي وقف مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل المواقف، مؤيدًا للحق وداحرًا للباطل …
ولاية علي … السجدة التي امتحن الله بها عباده واولهم الملائكة …
ولاية علي عليه السلام هي الامتحان العظيم الذي اختبر الله به عباده، كما اختبر الملائكة بالسجود لآدم. الملائكة أطاعوا وسجدوا امتثالًا لأمر الله، بينما إبليس تكبر وعصى، وكان من الخاسرين. كذلك، ولاية علي هي العلامة التي يميز الله بها المخلصين من عباده عن المنافقين …
التشيع لعلي والدخول تحت راية ولايته ليس مجرد عاطفة، بل هو ثمرة القلب والعقل السليم. الإنسان الذي يستخدم عقله ويتبع فطرته يجد نفسه حتمًا في حضرة علي عليه السلام، مؤمنًا بولايته، ومخلصًا له …
سلامٌ على وليد الكعبة …
الإمام علي عليه السلام ليس كأي شخصية تاريخية، بل هو رمزٌ خالد للحق والعدل. من ولادته في جوف الكعبة، إلى استشهاده في محراب العبادة، كان علي عليه السلام تجسيدًا للولاية الإلهية.
سلامٌ عليه يوم وُلد، ويوم استشهد، ويوم يُبعث حيًا، رمزًا للهداية والنور لكل من أراد النجاة …
في نهاية المطاف، ولاية علي عليه السلام هي سرّ الله المكنون، وهي النعمة التي منّ الله بها على المؤمنين ليخرجهم من الظلمات إلى النور. فهنيئًا لمن أضاء قلبه بنور علي عليه السلام، وويلٌ لمن أعرض عن هذا النور، فإنهم عن الحق غافلون …
|