• الموقع : وكالة عين شاهد .
        • القسم الرئيسي : مقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تناقض الشعارات والواقع، الجولاني انموذجا..! .

تناقض الشعارات والواقع، الجولاني انموذجا..!

 

 

 

علي الحاج ||

يثير النقاش حول الجماعات المتطرفة واساليبها الكثير من التساؤلات حول دوافعها الحقيقية وأهدافها المعلنة، ومن بين هذه التساؤلات، ما يتعلق بشخصيات بارزة مثل “الجولاني” (أحمد الشرع)!! ودوره في تنظيمات صنفت عالميا بالارهابية.

كيف يمكن لشخص يدعي رفض الصراعات التاريخية ان ينخرط في ممارسات تعيد انتاج هذه الصراعات بأسوأ صورها؟.

في خطاباته المتكررة، يظهر الجولاني رفضا واضحا للتدخلات التي تهدف الى احياء صراعات تاريخية قديمة، تمتد لاكثر من 1400 عام، الا ان سلوكه العملي يناقض هذا الموقف بشكل صارخ، فقد اختار الانتقال من بلاده لينضم إلى صفوف جماعة إرهابية، متورطة في قتل الالاف من المدنيين الابرياء، بمن فيهم النساء والاطفال، تحت ذرائع ترتبط بالحقبة ذاتها التي يدعي الاعتراض عليها.

هذا التناقض يدفعنا للتساؤل، ما الذي يبرر اتخاذ مثل هذه الخطوة؟ وهل يمكن فعلا التذرع بقضية عمرها قرون لتبرير استباحة الارواح وسفك الدماء؟

يشير العديد من المحللين الى ان الجولاني وأمثاله يستخدمون الشعارات الدينية او القومية كوسيلة لتبرير اجنداتهم، بينما تكشف ممارساتهم عن أهداف لا علاقة لها بالمبادئ التي يعلنونها، فعندما تنظر الى السجل الحافل بالعنف والتدمير، يبدو واضحا ان القضية “التاريخية” ليست سوى غطاء لتصفية حسابات سياسية ومكاسب شخصية.

التنظيمات الارهابية، بما في ذلك تلك التي يقودها الجولاني، لم تسهم فقط في تاجيج الصراعات الاقليمية، بل اضرت ايضا بالنسيج الاجتماعي والثقافي للبلدان التي طالها هذا العنف، والادهى، ان هذه الجماعات استخدمت قضايا قديمة لتبرير جرائمها، متجاهلة الاثار الكارثية التي خلفتها افعالها على المجتمعات المعاصرة.

ان ازدواجية الخطاب لدى شخصيات مثل الجولاني تبرز اهمية مواجهة الفكر المتطرف بمزيد من الوعي والحوار.

الحديث عن قضايا تاريخية لا يمكن أن يكون مبررا لاستمرار العنف وسفك الدماء في القرن الحادي والعشرين، وما يحتاجه العالم اليوم هو تجاوز هذه الخطابات، والعمل على بناء مستقبل قائم على التعايش والسلام، بدلا من استنساخ صراعات الماضي.

انمواجهة تناقضات شخصيات مثل الجولاني لا تقتصر على ادانة افعالهم فقط، بل تمتد الى فهم البيئة الفكرية التي تتيح لمثل هذه الشخصيات الانتشار والتاثير، واحد اهم الخطوات هو تفكيك الخطاب الذي يعتمدونه، والذي غالبا ما يمزج بين الشعارات الدينية والمظلومية التاريخية، لتبرير أفعال تضر بالحاضر والمستقبل.

كما أن نشر الوعي حول مخاطر الطائفية والقضايا التاريخية في تاجيج الصراعات امر بالغ الاهمية، ويجب ان يكون هناك تركيز على تربية الاجيال القادمة على قيم التسامح واحترام التنوع، وتعزيز فكرة ان القضايا التاريخية، مهما كانت اهميتها، لا يمكن أن تكون سببا لممارسة العنف.

“رسالة إلى الجولاني ”
اذا كنت ترى ان الصراعات التي امتدت لاكثر من 1400 عام قد انتهت بلا حل، فلماذا تسعى لاحيائها بوسائل اكثر دموية واقل انسانية؟ وإذا كنت تعتقد ان قتل الابرياء هو وسيلة لتحقيق العدالة، فمن أين تستمد شرعية أفعالك في زمن تجاوز فيه العالم فكرة الثار الاعمى؟

إن العالم اليوم يحتاج إلى بناء الجسور وليس هدمها، وإلى إطفاء نار الحروب بدلا من تاجيجها، ولعل من الاولى بك، وبكل من يسير على هذا النهج، مراجعة انفسكم ومواجهة الحقائق، لانه لا يمكن تحقيق اي قضية عادلة بالدمار والدماء، ولا يمكن بناء مستقبل مشرق على انقاض الابرياء.

في النهاية، يبقى التحدي الاكبر هو كيفية مواجهة هذا الفكر المتطرف وتجفيف منابعه.
يجب ان تتكاتف الجهود الدولية والمحلية لمعالجة الاسباب الجذرية التي تدفع اشخاصا مثل الجولاني الى تبني هذه الايديولوجيات المريضة، فالحلول الامنية وحدها ليست كافية، بل يجب أن تصاحبها خطوات فكرية وثقافية واجتماعية، تعزز السلام وتنشر الامل بدلا من الكراهية واليأس.


  • المصدر : http://www.ayn-shahid.com/subject.php?id=8770
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 01 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 7