أ. د. جاسم يونس الحريري ||
منذ تأسيسه، واجه الكيان الصهيوني المسخ العديد من التحديات الأمنية المعقدة التي تطلبت من قادته صياغة لاستراتيجية الأمن القومي التي تم تحديدها للمرة الأولى من قبل مبادئ أساسية للأمن القومي وردود فعل وفقا ل((ديفيد بن غوريون)) أول وزير دفاع ورئيس الحكومة الصهيونية.وقد صمد شرعيته أمام اختبار الزمن، بينما تم تكييف ردود فعل محددة وتعديلها لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية له.
وينبع التحول الرئيسي في التحديات الأمنية له من الدور الاقليمي لايران المتصاعد في المنطقة، وقدرتها العسكرية النووية، ومجال نفوذها المتواصل عبر العراق واليمن وسوريا ولبنان وقطاع غزة.
وفي الوقت نفسه، يواجه الكيان الصهيوني تغييرات اجتماعية داخلية. فإلى جانب النمو السكاني والقوة الاقتصادية والقدرات تصدعات مقلقة في المجتمع الصهيوني.
ويمكن تقسيم طبيعة التهديدات الخارجية المحيطة به إلى الفئات التالية: تهديدات تقليدية من جيوش نظامية أو منظمات غير حكومية تعمل كجيوش نظامية. تهديدات غير تقليدية تقوم بشكل أساسي على جهود لاكتساب قدرات نووية عسكرية. تهديدات تقليدية فرعية تشمل حرب العصابات والإرهاب من جهات فاعلة داخل فاسطين المحتلة وخارجها على السواء. تهديدات مرتبطة بالفضاء الإلكتروني والمعلوماتي.
وإلى جانب ذلك، ثمة تحديات وتهديدات داخلية له تركز على ضرب وحدة شرائحه السكانية، وتقويض الإيمان بما تروج له الماكنة الاعلامية الصهيونية بعدالة القضية الصهيونية، وإضعاف الشرعية الداخلية للخطوات التي يتخذها. وتقوم استراتيجية الأمن القومي على مفهوم “الجدار الحديدي” ل((زئيف جابوتينسكي)).
أحد قادة الحركة الصهيونية وبعبارة أخرى، لا يمكن تحقيق السلام إلا بعد أن يدرك أعدائه أن مساعيهم غير فعالة وتؤدي إلى زيادة معاناتهم الخاصة.ويجب أن يكونوا مقتنعين بأن بإمكانهم تحقيق الكثير من خلال الحوار وليس العنف. ويعتمد مكون آخر على الأفكار التي نشأت مع ((ديفيد بن غوريون)) فيما يتعلق بالعلاقات الداخلية بين المجتمع والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والقوة العسكرية والمكانة الدولية والسياسة الخارجية.وسيفضل الكيان المحتل دائما اللجوء إلى الأدوات السياسية وليس العسكرية، لكن يدرك ذلك الكيان أنه عليه الاستعداد لواقع مصالحه الأمنية القومية الحيوية.
لذلك، في غياب إمكانية فرض الحرب عليه لمواجهة المخاطر التي تعد من التهديدات، وسيلجأ ذلك الكيان الغاصب إلى استعمال القوة على يد جيش الاحتلال الصهيوني وأي وسائل سياسية للردع االصهيوني ” والمنظمات الأمنية الصهيونية الأخرى.
وبعد أستشهاد سماحة السيد حسن نصر الله لايتوقع أن تبقى الهيمنة الاقليمية الصهيونية سائدة في المنطقة أذ ينظر الكيان الصهيوني المحتل الى تهديدات جديدة تقوض من هيمنته في المنطقة .
ويمكن الاستشهاد بالتحذيرات من وسائل إعلام تابعة للجيش الصهيوني من خطورة حصول مصر والسعودية على أسلحة نووية مستقبلا. وجاء في تقرير لمجلة “يسرائيل ديفينس” العسكرية التي تصدر عن الجيش الصهيوني تحت عنوان: “إذا كان لدى الإيرانيين أسلحة نووية، فإن تركيا ستفعل ذلك أيضا، وبعد ذلك ستأتي مصر والمملكة العربية السعودية”،
إن السلاح النووي سيكون متاحا في المنطقة إذا حصلت عليه إيران وتركيا. فيما حذر((جدعون فرانك))الرئيس السابق((للجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية))خلال مؤتمر((هرتسليا)) الحادي والعشرين ل((معهد السياسة والاستراتيجية)) في جامعة “رايخمان” في شهر حزيران/يونيو2024من سباق التسلح النووي بالمنطقة.
وفي اليوم الثاني من مؤتمر هرتسليا لمعهد السياسات والاستراتيجية (IPS) في جامعة رايخمان حول القوة الإستراتيجية للكيان الصهيوني تم بحث السباق النووي الإيراني، وحذر ((شاي هار تسفي)) رئيس القسم الدولي والشرق الأوسط ب((معهد السياسات والاستراتيجية)) بجامعة رايخمان من برنامج إيران النووي. وقال العميد (احتياط) ((افرايم سينا)) خلال كلمته بالمؤتمر: “هل سنتذكر أين نحن اليوم؟ رموز الصهيونية مهجورة، والناس ليسوا في مستوطنات الشمال والجنوب، هذا هو نجاح استراتيجية إيران،هذا هو انتصار في تصورهم.
فالنظام في طهران متمسك بأهدافه الاستراتيجية ولا يغيب عن باله ولو للحظة واحدة، وهو يسعى إلى تحقيق الهيمنة الإقليمية ويصبح في نهاية المطاف قوة عالمية”.
|