د. عامر الطائي ||
الحرب النفسية هي أداة دقيقة وفعالة تُستخدم في إدارة الصراعات، حيث تتجاوز المعارك الميدانية إلى ميدان العقل والوجدان.
تُعتمد هذه الحرب على استراتيجيات دقيقة تشمل اللغة والإعلام، بهدف التأثير على الرأي العام وتوجيهه بطرق محسوبة.
مثال على ذلك يمكن رؤيته في كيفية صياغة الأخبار. في الخبر الأول: “هاجم حز. ب. ا…
بمسيرة انفجارية عمق مدينة حيفا”، تركز الصياغة على الفعل الهجومي بشكل مباشر وواضح، مما يخلق تأثيرًا نفسيًا قويًا لدى المتلقي. مثل هذه الأخبار، إذا تم تكرارها باستمرار، تسهم في خلق شعور بالخوف والقلق لدى الجماهير.
أما في الخبر الثاني: “اعترضت صواريخ القبة الحديدية خشية تسلل مسيرة من جهة لبنان”، فإن الصياغة توحي بالسيطرة والاحتواء، مما يخفف من حدة التأثير النفسي ويجعل الخبر أكثر قبولًا للمتلقي.
في هذه الحالة، تلعب الصياغة الأولى دورًا في تضخيم مشاعر الرهبة، في حين تعمل الصياغة الثانية على تهدئة النفوس وتقليل التأثير النفسي السلبي.
هنا تكمن قوة الحرب النفسية في اختيار العبارات والكلمات التي تحقق تأثيرات مستهدفة في نفسية الأفراد والجماعات. الأخبار ليست مجرد نقل للحقائق، بل أداة فعالة لتشكيل الوعي والتلاعب بالعقول.
إن استخدام مثل هذه الصياغات ليس صدفة، بل هو نتاج عمل خبراء في الحرب النفسية الذين يعتمدون على معارف من مجالات مختلفة، مثل علم النفس والاجتماع والثقافة.
هؤلاء الخبراء يصيغون الأخبار والأحداث بطريقة تؤدي إلى توجيه الجماهير نحو استجابة معينة، سواء كان ذلك بالتخويف أو بالتطمين، حسب الموقف المستهدف.
لذلك، من الضروري أن يكون لدى الجماهير وعي كامل بأدوات الحرب النفسية وكيفية تأثير الأخبار وصياغتها في تشكيل المزاج النفسي العام.
الفهم العميق لهذا الجانب يمكّن المجتمعات من بناء مقاومة نفسية أكثر صلابة، ويجعلها أقل عرضة للانهيار تحت وطأة الضغوط النفسية التي تستهدفها.
|