الكاتبة حميدة الكعبي
قصة نجلة عماد : في رحلة الحياة، تُصادفنا لحظات تترك ندوبًا عميقة في قلوبنا، تُغير مسارنا، وتُشكل منا شخصيات جديدة. بعضنا ينكسر تحت وطأة الألم، بينما يختار البعض الآخر أن يزهر من رحم المعاناة، ليُصبح رمزًا للتحدي والإصرار. نجلاء عماد، بطلةٌ من هذا النوع، فقدانها لأطرافها في سن مبكرة لم يُطفئ نور روحها، بل أشعل فيها شغفًا بالحياة و إصرارًا على تحقيق أحلامها.
كانت نجلاء طفلة مُفعمة بالحياة والنشاط، تُحلم بأن تُصبح لاعبة تنس طاولة، تُحركها طاقة الشباب و حب الرياضة. كانت تُمارس الرياضة بكل حماس، وتُحلم بأن تُصبح بطلة في يوم من الأيام. كانت تُحلم بأن تُمثل العراق في البطولات العالمية، و أن تُرفع علم بلادها عاليًا. لكن مصيرها تغير في يوم مشؤوم، يوم انفجار سيارة مفخخة استهدف سيارة والدها العسكري التي كانت تقلهم هي ووالدها وهي في سن الرابعة. وفي لحظة، فقدت نجلة أطرافها و أُجبرت على الاعتماد على كرسي المتحرك.
كان من المُمكن أن تُصبح نجلاء أسيرة لآلامها و معاناتها، أن تُطفئ ندوب الحرب نور شغفها بالحياة و تُصبح أسيرة لكرسي المتحرك. كانت ستواجه نظرات الشفقة و الأسى من البعض، و ستُصبح ضحية لظروفها. لكن روحها كانت أقوى من ذلك. لم تُصبح أسيرة لظروفها، بل أصبحت أقوى منها.
في بيت متهالك في محافظة بعقوبة، نشأت نجلاء، تُحمل على كتفيها آلام الحرب و ندوب فقدان أطرافها. كانت تُواجه نظرات الشفقة و الأسى من البعض، لكن لم تُصبح أسيرة لذلك. كانت تُحلم بأن تُصبح لاعبة تنس طاولة، و في سن العاشرة، تلقّت هدية من مدرب المنتخب العراقي حسام البياتي، مضرب وكرة منضدة، أشعلت فيها شغفًا جديدًا. من ذلك اليوم، بدأت نجلة رحلة التدريب و التحدي، تُحارب آلام فقدان أطرافها بإصرار لا يُقهر، تُثبت للجميع أن الإرادة القوية يمكنها تخطي أي صعوبة.
لم تُصبح نجلاء لاعبة فقط، بل أصبحت رمزًا للتحدي و الإصرار للجميع، و خاصةً لذوي الإعاقة. فقد أثبتت أن الإعاقة لا تُحدد قدرة الإنسان على تحقيق أحلامه، و أن العزيمة و الإصرار يمكنهما تخطي أي حاجز. كانت تُمارس الرياضة بكل حماس، و تُقاتل لأن تُصبح أفضل لاعبة في العالم.
في باريس، على مسرح بطولة البارالمبية، أذهلت نجلاء العالم بإنجازها التاريخي، فقد تُوجت بالميدالية الذهبية في تنس الطاولة، مُهديةً العراق أول ذهبية في البطولة. لم تُصبح نجلة بطلة فقط، بل أصبحت رمزًا للتحدي و الإصرار للجميع، و خاصةً لذوي الإعاقة.
قصة نجلة هي قصة إنسانية تُلهمنا بأن نُواجه التحديات بإصرار و أن نُحاول تحقيق أحلامنا مهما كانت الصعوبات. فلتكن قصة نجلاء مُلهمة للجميع، لتُذكرنا بأن النجاح لا يُحدده الظروف، بل يُحدده إصرارنا على تحقيق أحلامنا.
نجلة عماد هي رمز للإرادة والإصرار و التحدي. قصة حياتها تُلهمنا بأن نُواجه التحديات بإصرار و أن نُحاول تحقيق أحلامنا مهما كانت الصعوبات. فلتكن قصة نجلة مُلهمة للجميع، لتُذكرنا بأن النجاح لا يُحدده الظروف، بل يُحدده إصرارنا على تحقيق أحلامنا.
|