محمود الهاشمي
١٢-ايلول -٢٠٢٤
إن ظهور زعيم دولة القانون
السيد نوري المالكي لمرتين متتاليتين بكلمة متلفزة في مدى عشرة أيام
من الشهر الجاري ،ودعوته إلى القوى السياسية الى التضافر
فيما بينها لمنع (اي انهيار قد يتعرض له العراق)يجعلنا نثق ان التجربة السياسية في بلدنا دخلت دائرة الخطر ،ولم يتوقف الخطر عند (انهيار العملية السياسية )إنما (انهيار العراق )
كما اكد ذلك السيد المالكي
وهنا يبرز لدينا سؤالان
السؤال الأول :-ماالاسباب التي دعت السيد المالكي إلى الظهور لمرتين متتاليتين وإخطار الجميع ان العراق ذاهب إلى (الانهيار) إذا لم تحزموا امركم ؟
السؤال الثاني ؛-لماذا لم يعتمد
السيد المالكي طريق اللقاءات والاجتماعات مع قادة الكتل السياسية لحل الأزمة الضاربة بالبلد وذهب إلى الخطاب الإعلامي.؟
لاأحد ينكر ان جميع الأقلام الوطنية ،كتبت العشرات من المقالات والدراسات التي أكدت
ان العملية السياسية بالعراق
اثبتت فشلها وماعادت قادرة
على الاستمرار في ظل الأزمات
والأخطاء التي كلما تقدمت اكثر
انحرفت اكثر .
لكن يبدو ان طبقة السياسيين
أعطوا لأصحاب الرأي والمشورة
(الإذن الطرشة )وكما جاء في الاية الكريمة
(وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾
وعدم الاصغاء يعود لأمرين
الأول ان جميع قادة الكتل السياسية في بلدنا يعتقدون أنهم اكبر من ان يسمعوا او يقبلوا المشورة ،
والثانية هم اعتادوا ان يعيشوا
عملية سياسية عرجاء منذ عام
٢٠٠٣ وحتى يومنا فألفوها .
مال (حمل )العملية السياسية
منذ انطلاقته ،ولم يفكر اي منهم ان يناقش ميلانه ربما أنهم
لم يقرؤوا بيت الشعر
(وأحذر إذا مال حمل قد عُهدتَ به ..فالحمل ان مالَ ماأُجهدتَ لايصلُ)!
ان تاكيد (انهيار العراق )على لسان اي قائد سياسي لايدفع عنه امرين الأول انه جزء من هذا الانهيار والثاني ان البلد سيكون الضحية .
السيد المالكي اكد في الكلمتين المتلفزتين ان الخلل واقع في
السلطات الثلاث (التنفيذية والقضائية والتشريعية )وهذه مشكلة بحد ذاتها ويصعب علاجها حيث (مَنْ يُعالج مَنْ)؟
وفوق ذلك لايوجد صمام أمان يذهبون اليه فالسلطات الثلاث
تحت (التهمة ).
في مقالاتنا السابقة والتي شاركنا بها كتاب محترفون ايضا من اصحاب الرأي كان التأكيد على :-
١-ان الأحزاب السياسية فقدت ايديولوجياتها ،فلم تستفد من أدبياتها التي جاهدت وناضلت من اجلها ودفعت ربما الالاف من الشهداء وليس المئات .
٢-اختارت نظاما سياسيا (ليبراليا )لاتملك خبرة فيه
وادخلها صراعا سياسيا وطائفيا
افقدها بوصلة الديمقراطية
وانتزع منها الإرادة في التغيير
متناسية ان النظم الليبرالية تحتاج إلى (رعاية )لشركات كبرى تدير لها الدولة العميقة
وتنظّم خطلها لارتباط مصالحها
باستقرار الدولة ،وان الاحزاب ممثلة لرؤوس الأموال وليس للشعب .
٣-الكثافة العددية للأحزاب
منع التفاهم وكان من المفروض
البحث عن المشتركات وتشكيل
الكتل الكبيرة التي تسهل اتخاذ القرارات الاستراتيجية ،فمثلا
داخل الاحزاب الرئيسية بالولايات المتحدة توجد توجهات مختلفة في أقصى اليمين وأقصى اليسار والوسطية
لكن الحزب يعمل تحت عنوان واحد واهداف مشتركة .
٤-جميع الاحزاب لم تتفاعل مع
الوطن على انه متكامل في الأرض والجغرافيا والتطلعات
والأهداف إنما اعتبرت ان وجودها وعملها اشبه ب(الطواريء) وان الوطن الحقيقي حيث عاشت الأسرة من قبل وهناك تخزن الأموال
وتنمو الطموحات ،لذا فان العديد من القيادات السياسية حين خرجت من العملية السياسية خرجت من البلد ايضا
ولم نستفد من خبرتها في مهمة اخرى .
٥-لاتظهر نشاطات الاحزاب الحاكمة إلا حين تقترب الانتخابات فتضع جميع خبرتها وإعلامها وعلاقاتها مع الشعب
في هذه المدد القصيرة والتي سرعان ماتتلاشى.
٦-فقدت الاحزاب ديناميكيتها
وحيوية عملها بإضافة طاقات شبابية جديدة حتى شاخت
وهزلت وباتت تعيش على رمزية قيادتها الفردية والتي معظمها
قاربت اعمارها السبعين او تجاوزته ،حتى بات كثيرون من المتابعين يسألون عن أسباب (لايوجد ثانٍ
لجميع قادة الاحزاب ).!
٧-اقتصرت استراتيجية الاحزاب بالحصول على مغنم (وزارة ..مؤسسة )لتحولها الى دكان تسترزق منه،وتدعم انصارها من خلاله عبر التعيينات والامتيازات حتى حشيت دوائر الدولة بالالاف
من الفائضين عن العمل وشكلوا ثقلا على ميزانيات الوزارات .
٨-نظرا لضيق أفق الاحزاب لم تستفد من الكفاءات وحصرت علاقاتها بصغار الناس لتجعلهم طوع يديها ..
٩-اعتبرت الاحزاب ان كل العراقيين الذين لم يتركوا العراق هم (متهمون )لأنهم
لم يشاركوهم ألم الغربة ولم يعيشوا معاناتهم بل ويحملونهم مسؤولية المعانات ،لذا بقيت الطاقات الأغلب بعيدة عن الميدان .
|