أ.د.جاسم يونس الحريري |
صناعة العدو أوصناعة المؤامرة وجهان لعملة واحدة، وفي ظروف معينة تقوم الأجهزة المخابراتية في الدول باختلاق عدو وتهيئة كل ما يتعلق به من معلومات وأحداث ووقائع وشخصيات وتاريخ ووثائق وإثباتات نصية،
سمعية ومرئية.وتستمر هذه الأجهزة في تغذية صورة هذا العدو وإبراز مدى خطورته ومدى أهمية تضافر الجهود لمواجهته والقضاء عليه،
كما يتم ربط هذا العدو بمؤامرة كبيرة تهدد الدولة وتعمل على زعزعة استقرارها وتدمير مقدراتها ومكتسباتها. وفي هذا الاطار قامت الولايات المتحدة بصناعة ((العدو الإسلامي الإرهابي))!!!
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة.ولأكثر من 30 عاما تحول العداء الغربي من الاتحاد السوفياتي إلى العالم الإسلامي، وتمت صناعة العدو البديل في بضع سنوات حتى صار العالم ينام ويصحو على أخبار “الإرهاب الإسلامي”،
وبدأت المؤامرات على العالمين العربي والإسلامي تتدفق بلا هوادة. واعتمدت ((إسرائيل))هي كذلك فكرة “صناعة العدو” في صراعها مع العرب والفلسطينيين، وتجذرت الفكرة أكثر بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، والحرب الثانية على لبنان عام 2006،
حين فشلت تل أبيب بحسم المعركة على الجبهة الشمالية لمصلحتها.وتعتقد النخب العسكرية والسياسية الإسرائيلية أن الساحة الفلسطينية هي ساحة صناعة العدو، سواء لتصدير أزماتها الداخلية أو جعلها فزاعة الخطر الأمني على المشروع الصهيوني، وهي الفكرة التي رسختها بحصارها لقطاع غزة قبل 17 عاما،
منذ أعلنت قطاع غزة “كيانا معاديا” في سبتمبر/أيلول 2007. وظهر مايسمى ((التحالف العربي الإسرائيلي ضد إيران)) أو ((التحالف السني الإسرائيلي)) أو ((تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي))،
وهو مجموعة تنسيق غير رسمية معادية لإيران في الشرق الأوسط، تمت رعايتها من قبل الولايات المتحدة. ويجري التنسيق في ضوء المصالح الأمنية الإقليمية المتبادلة ((لإسرائيل)) والدول العربية السنية بقيادة المملكة العربية السعودية، ومواجهتها ضد المصالح الإيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ويُعتقد أن جذور التحالف قد بدأت منذ بداية الألفية الثالثة. بحلول عام 2016، سعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني مع ((إسرائيل))، التي تشارك في نزاع بالوكالة مع إيران.
وظهر التحالف في عام 2017، بعد تدهور العلاقات بين ((إسرائيل)) ودول الخليج، وحظي باهتمام إعلامي واسع في ضوء مؤتمر وارسو في فبراير 2019. بالإضافة إلى ((إسرائيل))، يضم التحالف كلاّ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وسلطنة عمان.
وفي أطار صناعة عدو وهمي في المنطقة قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في يوم الاحد الموافق 8/9/2024إن بلاده محاطة بـ “أيدلوجية قاتلة يقودها محور الشر الإيراني”، معتبرا أنه في الشرق الأوسط “بدون سيف لا يوجد خلود”. جاء ذلك في كلمة لنتنياهو بمستهل كلمة له خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته،
بعد عملية إطلاق نار وقعت صباح الأحد، في معبر “اللنبي” بين الضفة الغربية المحتلة والأردن، قُتل فيه 3 إسرائيليين إضافة للمنفذ.
وقال نتنياهو وفق بيان لمكتبه: “يوم صعب. لقد قتل إرهابي حقير ثلاثة من مواطنينا بدم بارد عند جسر اللنبي”، على حد وصفه.
وأضاف: “نحن محاطون بأيديولوجية قاتلة يقودها محور الشر الإيراني. القتلة لا يفرقون بيننا، إنهم يريدون قتلنا جميعا حتى آخر إسرائيلي، من اليمين واليسار، علمانيين ومتدينين، يهودا وغير يهود”، على حد زعمه.
ومضى قائلا: “إن ما يمنع تدمير شعبنا كما كان في الماضي هو قوة دولة إسرائيل وقوة جيشها”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه “في الشرق الأوسط بدون سيف لا يوجد خلود”.
وتابع: “عندما نقف معًا – لا يستطيع أعداؤنا أن يفعلوا ذلك بنا، لذا فإن هدفهم الرئيسي هو تقسيمنا وزرع الانقسام داخلنا”، وفق ادعائه.
واعتبر نتنياهو أن حركة حماس تهدف إلى “زرع الفرقة في داخلنا، وشن حرب نفسية على عائلات المخطوفين، وممارسة ضغوط سياسية داخلية وخارجية على الحكومة الإسرائيلية، وتمزيقنا من الداخل، ومواصلة الحرب حتى إشعار آخر، حتى هزيمة إسرائيل”.ش
|