منهل عبد الأمير المرشدي ||
المسلسل العراقي الجنة والنار الذي تابعنا 11 حلقة منه بثّت على قنوات اليوتيوب أثار إهتماما واسعا ومساحة كبيرة بملايين المشاهدين .
فما الجديد في المسلسل وما أسباب الضجة التي اثيرت حوله ؟
سنتحدث عنه بحيادية وبوجهة نظر شخصية نسمتدها من عملنا وخبرتنا في الوسط الأعلامي بشبكة الإعلام العراقي لأكثر من عقدين من السنين .
تم تصوير المسلسل في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار في واقع ميداني مباشر خارج ما تمليه لوازم التصوير داخل الإستوديو . وهو من إخراج وتأليف مصطفى الركابي وبطولة امير عبدالحسين وسنان العزاوي وأمير أبو الهيل وزمن علي وزهراء كالخان مع نخبة من الممثلين الشباب الذي كان بعضهم يمثل لأول مرة .
فكرة العمل تتلخص في الصراع بين الإنسان والشيطان الذي يتجسد في شخصية فرج الذي يعود في اليوم السابع لمجلس عزاء اخيه هاشم الذي طرده من المحافظة قبل عشرين سنة لتورطه في جريمة قتل أمراة من أرحامهم .
أي ناقد موضوعي للمسلسل لابد أن يؤكدعلى حقيقة ما تميّز به من جوانب إيجابية افتقدناها في الدراما العراقية في مفردات الحياة اليومية للغالب الأعم للعوائل العراقية من دون ان ننسى بعض الجوانب السلبية التي إنحسر تأثيرها في عيون المشاهدين تحت ألق الأبداع الذي طغى على إذاء كوادر العمل اخراجا وتصويرا وتمثيل .
لقد لفت إنتباهنا توافقية الآراء بين اغلب من شاهده على إنه يمثل مصداقا لما وصل اليه الحال في المنظومة القيمية للمجتمع من تراجع وانحسار في ثقافة الحب والمودة وسطوة أهل الشر على أهل الخير وشيوع ثقافة الحقد والحسد عند البعض خصوصا بين الأرحام والأقارب لحد الذ يجعل ألأخ يقدم على هتك ستر أخيه وإبن عمه ويستبيح دمائهم وأعراضهم واموالهم وهو شر ما يفعله الشيطان !!!!
أمر يدفع الأسى في القلب لكنه الواقع الذي يعاني الكثير منه . هو الواقع المرفوض والمفروض وله أسبابه ومسبابته التي نتمنى على مخرج ومؤلف المسلسل السيد مصطفى ان يكون قد وضع في حسابه معالجتها في الحلقات القادمة ومنها مثلا إنتشار الجهل والتخلف والإبتعاد عن الله والقيم الروحية النبيلة واعتماد الخرافة .
الواقعية التامة في اداء الممثلين الذين ارتقوا الى اعلى مستوى من المهنية للحد الذي تحولّ فيه الجميع الى نجوم بما فيهم الكومبارس أضفى على المسلسل رونقا وجاذبية استحوذت على قلوب المشاهدين .
حتى الواقعية في اماكن التصوير والتي نقلت ولو بشكل محدود ارتباط الثقافة المجتمعية في العراق بالإرث الحسيني لمصيبة عاشوراء للإمام الحسين عليه السلام رغم انه لم يوفق في إستثمار ذلك في اظهار الجوانب المشرقة لواقعة الطف بمقاطع محسوبة في التصوير والنص خصوصا وانه كان موفقا في اختيار مقطع بصوت عميد المنبر الحسيني الشيخ الراحل الدكتور احمد الوائلي فضلا عن ما لوحظ من الإسراف في تكرار بعض الكلمات التي يردد فيها بعض الممثلين أسماء آل البيت عليهم السلام من دون ذكر البارئ عزوجل مما قد يوصل مفهوما مخطوءا عند الآخرين .
المسلسل حالة متميزة ونقطة انطلاق جديدة في الدراما العراقية تذكرنّا بما انتجته شبكة الإعلام العراقي في زمن الأستاذ محمد عبد الجبار الشبوط من أربع مسلسلات فضحت جرائم البعث المقبور والتي لاندري لماذا لا يعاد بثها إن استحال انتاج مثيل لها؟
بقي ان نقول إنه رغم بعض الملاحظات على جوانب معينة في الإضاءة والتصوير لمسلسل الجنة والنار إلا إنه وبكل حق نقول وللإنصاف عمل يستحق كل الإحترام والتقدير لمخرجه ولأبطاله وللمثلين وللكوادر النسوية التي اثبتّن ابداعا فنيا يستحق الفخر والإعتزاز مع بقية الكوادر الفنية فيه لهم كل اعتزازا وتقدير .. .
|