• الموقع : وكالة عين شاهد .
        • القسم الرئيسي : تقارير .
              • القسم الفرعي : التقارير .
                    • الموضوع : مؤتمر القاهرة الدولي للسلام. لماذا دولي و معَ مَنْ السلامٌ ؟ .

مؤتمر القاهرة الدولي للسلام. لماذا دولي و معَ مَنْ السلامٌ ؟

السفير الدكتور جواد الهنداوي 

   كان الاجدى ان يكون عنوان المؤتمر ،الذي انعقد يوم ٢٠٢٣/١٠/٢١، في القاهرة ، مطابقاً و متماشياً مع واقع الحال ،حيث ترتكب اسرائيل و داعميها جرائم ابادة وجرائم حرب وجرائم ضّدَ الانسانية ،بحق شعب مُحتلْ و محاصر منذ سنوات ، و ممنوع من الحصول على مقومات الحياة الاساسيَة كالماء والغذاء والدواء . كان ينبغي ان يكون عنوان المؤتمر " مؤتمر القاهرة الدولي ضّدَ جرائم الابادة بحق الشعب الفلسطيني " او " مؤتمر القاهرة الدولي لنصرة قضيّة فلسطين " . الغريب في الامر ، أنَّ قيادات عربية و جامعة عربية لا تزال تخاطب اسرائيل بلغة سلام و تطبيع و حّل الدولتيّن ،وهي ترّدُ عليهم بجرائم ابادة ،و اغتيالات ، واعتداءات ، وقضمْ اراضي ، وبخطط مستقبلية استراتيجية تستهدفُ ارضهم و ملكهم ،وتبّث الفتن و النزاعات بين شعوبهم . الغريب في الامر ، أنَّ العرب مطلعين ،بفضل القرآن و التوراة وكتب التاريخ ، على سلوك الصهاينة  و افعالهم ، مع الانبياء ومع شعوب العالم ، ويشهدوا اليوم في غزّة جرائمه ،كما شهدوها في صبرا وشاتيلا ، ولكن مع ذلك ، يعقدون مؤتمراً عربياً و دولياً ،بعنوان السلام ،في وقت تحصدُ فيه طائرات اسرائيل ، ارواح الاطفال و النساء و المدنيين . 

عنوان المؤتمر لا يُعّبرُ عن تضامن مع شعب غزّة ، و لا يُعّبرُ عن حياد ،بل صراحة يُعّبرُ عن مجاملة لامريكا وللغرب ،و حذر باستخدام مفردات تزعجُ اسرائيل ! 

لِمنْ رسالة المؤتمر ؟ لاسرائيل وهي كيان محتل وغاصب و مجرم وعنصري ،و يمارس القتل ،ويصف شعبٌ محاصر و مُحتلْ ، وعربيٌ " حيوانات " ! أمْ رسالة لامريكا وللدول الغربية  ،والتي تستخف بالعقول حين تدعّي وتقول بحقوق الانسان وحرية التعبير والديمقراطية ، وتوزّع ،لمن  يمضي في مشاريعها ، جوائز نوبل للسلام ! أمْ هي رسالة للشعوب العربية ،والتي ادركت الحقائق ؛ ومن بين الحقائق ، الفرق بين الخطاب و الفعل ، او على الاقل ،الفرق بين خطاب الادانة و الاستنكار وقول الحق و خطاب الحياد و مجاملة الظالم و أمريكا ! أمْ هي رسالة تضامن عربي اسلامي مع اهل غزّة قبل استشهادهم ،معناها " نحنُ هنا في القاهرة اليوم ندعمكم بالبحث عن سلام مع مَنْ يقتلكم بالقنابل الفسفوريّة الآن " ! 

صراحة عنوان المؤتمر لا يُعّبرُ عن تضامن مع شعب غزّة ، ولا يِعبّر حتى عن حياد ، وانما يُجامل و يراعي اسرائيل و امريكا ، و إلاّ ما علاقة للسلام و القنابل تسقط على رؤوس الابرياء ، ما علاقة للسلام  وجهود اسرائيل و امريكا و الغرب مستمرة في تشغيل ماكنة القتل و الاجرام و الاستعداد للمزيد ! 

    لماذا مؤتمر دولي للسلام وليس مؤتمر عربي للسلام ؟ 

وهل من ضرورة لمشاركة الامين العام للامم المتحدة والاتحاد الاوربي ، و الاتحاد الافريقي و ايطاليا ودول اوربية ؟ 

الجواب ، وبكل صراحة و آسف ، هو لتفادي الخروج ببيان مشترك يدين اسرائيل . أُريدَ للمؤتمر أن يكون دولياً وليس عربياً ،كي تكون مشاركة ايضاً في المؤتمر  لاصدقاء و لحلفاء و لداعمي اسرائيل ، و هذه المشاركة تُبرر عدم ادانة اسرائيل ، وتُظهر للغرب  اعتدال الرئيس السيسي في مواقفه .

اربعة مواقف بارزة في المؤتمر و ساهمت في مسارهِ . 

اولاً . موقف العراق الواضح و الصريح ،والذي تمثل بخطاب السيد رئيس الوزراء ،محمد شياع السوداني . خطاب ندّدَ بما تقوم  به اسرائيل ، واصفاً اعمالها بجرائم ابادة وجرائم حرب وجرائم ضّدْ الانسانية .

خطاب ندّدَ فيه تخاذل و تواطئ المجتمع الدولي و منظمة الامم المتحدة ،والتي بدت عاجزة عن تطبيق قراراتها تجاه اسرائيل .

خطاب أشادَ بتضحيات الشعب الفلسطيني ومنذ عام ١٩٤٨ ، واشارَ الى حقوق الشعب الفلسطيني في اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.. 

خطاب عبّرَ فيه عن دعم العراق اللامحدود لقضية وحقوق الشعب الفلسطيني .

 حضور السيد رئيس الوزراء القمة ، وليس غيره ، كان حرصاً منه على تبيان موقف العراق الثابت و غير المتزعزع ، و على ادانة صريحة و واضحة للكيان المحتل . 

 و اعتقد بأنَّ موقف وخطاب السيد رئيس الوزراء الحاسم ، والصارم ، كان مفاجأة لرئاسة القمة . 

 

ثانياً . قاطعت بعض الدول العربية ،القمة لادراكها مسبقاً بأبعاده و اهدافه ، و بأنه لن يقدّم اي شئ لا للقضية الفلسطينية و لا لشعب غزّة . ما فائدة قمّة و حضورها يتردّد في ادانة جرائم اسرائيل ؟ 

ثالثاً .كلمة السيد الامين العام للجامعة العربية كانت ، للاسف الشديد ، خارج سياق الاحداث و جرائم اسرائيل ، حيث قال " المدن العربية تعيش في خوف وتحت تهديد الميليشيات المسلحة والجماعات الطائفية و العصابات الارهابية " . كلمة على اثرها غادر امير قطر القاعة وقبل القاء كلمته . 

ماذا يقصد السيد الامين العام للجامعة العربية في كلمته هذه ؟ مَنْ هي المدن المقصودة التي تعيش في ظّلْ الخوف ؟ و ما المقصود بالميليشيات المسلحة و الجماعات الطائفية ؟ وهل مناسبة " ذبح غزّة " وقت ملائم لذكر هذا الكلام ؟ 

ولعلَ الامين العام وفي ذكرهِ للعصابات الارهابية ، يقصد داعش والنصّرة و احرار الشام الخ … 

رابعاً . خير ما فعل امير قطر بتركه القاعة قبل القاء كلمته ،و اعتقد ، كانت مغادرته احتجاجاً على ما وردَ في كلمة السيد الامين العام للجامعة العربية .

وخير ما فعلَ السيد رئيس وزراء العراق بعدم مشاركته في الصورة الجماعية للمؤتمر ،حيث ،ومهما كانت اسباب عدم مشاركته ،فأنه لم يكْ مع الجماعة لا في الصوت و لا في الصورة .


  • المصدر : http://www.ayn-shahid.com/subject.php?id=4610
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 10 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 7