د. محمد بناية :
تولت حكومة “محمد شيّاع السوداني”؛ المسؤولية قبل نحو ثمانية أشهر، وفاق أداءها التوقعات. في البداية تصور الكثيرون أن رئيس الوزراء العراقي شّكل الحكومة على عجل، وتوقعوا أن تُصارع هذه الحكومة التحديات السياسية سريعًا، لكن الآن وبعد مرور ما يقرب من ثمانية شهور على استلام هذه الحكومة العمل، يمكننا القول إن أداءها كان مقبولًا حتى الآن؛ بحسّب “علي موسوی خلخالي”؛ في تقريره المنشور بصحيفة (الدبلوماسية الإيرانية).
الموازنة الثلاثية..
وأهم إنجازات حكومة “السوداني” تمرير ميزانية ثلاث سنوات، وقد سّاهم هذا الأمر إلى حدٍ كبير في تثبّيت وتقوية مكانة هذه الحكومة التي باتت تعلم الآن كيف تتقدم فيما يخص الأمور الاقتصادية للدولة؛ تحت أي من بنود الميزانية، ولن تسمح بظهور تحديات كالتي كانت تصيب الحكومات السابقة، لا سيما بعد التصديق على ميزانية السنوات الثلاثة المقبلة؛ وهو ما أتاح للحكومة فرصة أكبر للإدارة.
مقتدى الصدر..
وأهم التحديات التي كانت متوقعة “مقتدى الصدر”؛ الذي فضل بالفعل الصوم عن الكلام، ولم يتسّبب في أي مشكلة للحكومة حتى الآن.
مع هذا؛ لم تأتي حتى الآن أشد أيام الصيف حرارة والتي تدفع العراقيين للنزول إلى الشارع نتيجة الغضب من ارتفاع الحرارة ونقص الخدمات، واستفادة الأحزاب من هذا الغضب كأداة سياسية، لكن الحكومة بذلت في هذا الصّدد جهود كبيرة للتخفيف من مشكلة عجز الطاقة الكهربائية، وهو ما قد يقنع العراقيين نسبيًا.
كذلك في حال قررت الحكومة أن تُثبّت القدرة اللازمة، فالمتوقع عبور هذا الصيف الحار أيضًا.
رضا “البيت الشيعي”..
من جهة أخرى؛ فإن مشاركة وتعامل “السوداني” داخل حكومته؛ مع مختلف الأحزاب، ومن بينها التيارات المنافسة، كان سببًا في رضا كل التيارات السياسية حتى الآن. على الأقل لم يظهر داخل “البيت الشيعي” أي اعتراض حقيقي ضد “السوداني”.
في الوقت نفسه، نفذت الحكومة بعض الإجراءات التي أقنعت عوام الشعب ولفتت انتباه وسائل الإعلام والرأي العام، بل وحظيت إلى حدٍ ما بقبول البسطاء في الأزقة والأسواق. من مثل إقالة رئيس “مطار بغداد” بعد الشكوى العلانية من أداءه، وكذلك استخدام موظفين جدد في الحكومة، والتواجد المستمر بين العراقيين في المناسبات المختلفة، والمشاركة في المؤتمرات السياسية والاقتصادية المتعددة.
أضف إلى ذلك خدمات الحكومة العمرانية؛ مثل تأهيل شوارع “بغداد”، وترميم الأماكن العامة والترفيهية، وافتتاح مشاريع هامة على غرار “مصفاة كربلاء”، وتحسّين الخدمات في المدن المختلفة؛ ومن بينها: “النجف الأشرف وكربلاء وبغداد”، واستضافة مباريات “كأس الخليج”، والبدء في مشروع “طريق التنمية”؛ الذي يربط جنوب “العراق”؛ بداية من “البصرة” مع الحدود التركية عبر خط سّكك حديدية، وكل ذلك بلا شك سّاهم في انتشار صورة إيجابية عن الحكومة.
التوجس من الجانب الأميركي..
على المستوى الإقليمي والدولي؛ كان أداء “السوداني” جديرًا بالدفاع عنه، بداية من الجولات في “أوروبا”، مرورًا بالوسّاطة في الملف “الإيراني-السعودي”، و”الإيراني-المصري” حاليًا، إلى المشاركة الفعالة والمؤثرة في العواصم العربية والاجتماعات الدولية في “مصر” و”عُمان”، واجتماعات “الجامعة العربية”؛ في “جدة”.
مع هذا يتخوف “السوداني” حيال المستقبل، ومن “الولايات المتحدة” أكثر من أي شيء آخر بالنظر إلى سوابق تعاملاتها مع حكومة؛ “عادل عبدالمهدي”.
وقد اتضح للجميع في “العراق” أن حكومة “السوداني” تحظى بتأييد (الحشد الشعبي)، بل تعتبر حكومة التيارات المشاركة في (الحشد الشعبي). والجميع يعلم أن (الحشد الشعبي) يحظى بدعم إيراني قوي، وبالتالي يمكن استنتاج أن حكومة “السوداني” تحظى بالتبعية بالدعم الإيراني.
التوازن بين طهران وواشنطن..
مع هذا نجح رئيس الوزراء العراقي في الموازنة نوعًا ما في التعامل مع “إيران” و”الولايات المتحدة”، وإن تعرض للضغط من جانب البلدين لأسباب مختلفة، لكنه نجح حتى الآن في الحافظ على الموازنة بين البلدين.
في غضون ذلك يسّعى “السوداني” إلى تهيئة مجالات السفر إلى “الولايات المتحدة”، فهو مازال يتذكر صعوبة فترة “عبدالمهدي”؛ والمخالفة الأميركية المتكررة لطلبه زيارة “واشنطن” نتيجة التعاون مع “إيران” في مواجهة الضغوط الأميركية، ولا يُريد أن يواجه نفس مصيره.
والتصور العام السّائد في “العراق” أن سبب سقوط “عادل عبدالمهدي”؛ على ما له من إنجازات هامة، لا سيما في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية، هو الضغط الأميركي واستياء “واشنطن” من التعاون “العراقي-الإيراني”.
لذلك يتصور “السوداني”؛ أن زيارة “الولايات المتحدة” وإيجابية نتائج هذه الزيارة قد يؤثر في تدعيم حكومته بشكلٍ كبير.
|