مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، تتكثف الاستعدادات من قبل القوى السياسية والجهات المعنية، في وقت ما تزال فيه تداعيات ضعف المشاركة الشعبية في الانتخابات السابقة تلقي بظلالها، خصوصاً انتخابات عام 2021 التي سجلت أدنى نسبة مشاركة منذ عام 2005، ما أثار الكثير من التساؤلات حول أسباب العزوف الشعبي وجدوى العملية الانتخابية.
ويرى مراقبون أن الإحباط من الأداء السياسي العام، واستمرار ظواهر الفساد والمحاصصة، إلى جانب غياب الثقة في نتائج الانتخابات، شكلت عوامل رئيسة دفعت شريحة واسعة من المواطنين، وخاصة الشباب، إلى مقاطعة صناديق الاقتراع، نتيجة الشعور بعدم جدوى المشاركة وتكرار الوجوه السياسية ذاتها دون تحقيق وعود التغيير.
ورغم هذه المعطيات، تُبدي جهات عدة تفاؤلها بارتفاع نسبة المشاركة في الاستحقاق الانتخابي القادم، خصوصاً في ظل مؤشرات إيجابية على رغبة فئات جديدة بالمشاركة، وسط دعوات متزايدة من شخصيات سياسية وأكاديمية ومنظمات مجتمع مدني بضرورة الانخراط الفاعل في العملية الانتخابية.
وفي هذا السياق، شدد عضو اللجنة القانونية النيابية، النائب محمد عنوز، على أن العزوف عن الانتخابات لن يُسهم في إصلاح العملية السياسية، بل قد يؤدي إلى تفاقم الوضع السياسي واستمرار الوجوه القديمة في مواقع السلطة.

وقال عنوز في تصريح  إن "النظام السياسي في العراق برلماني كما نص عليه الدستور، ويعتمد في جوهره على المؤسسة التشريعية التي تُنتج من خلالها حكومة منتخبة"، مضيفاً أن "البرلمان هو من يشكل الحكومة ويراقب عملها، وبالتالي فإن ضعف المشاركة الشعبية يترك تأثيراً مباشراً على جودة الأداء السياسي والمؤسساتي".
وفيما تعمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على تطوير بنيتها الإدارية والفنية استعداداً للاستحقاق المرتقب، وتتتواصل الدعوات المحلية والدولية المطالبة بإصلاحات جوهرية في النظام الانتخابي، وتعزيز معايير الشفافية والرقابة، في محاولة لاستعادة ثقة الناخب العراقي وتحفيزه على العودة إلى صناديق الاقتراع.
ويرى مختصون بالشأن الانتخابي أن رفع نسبة المشاركة أمر ممكن، خصوصاً مع تصاعد الوعي السياسي لدى شرائح المجتمع المختلفة، ووجود قناعة متزايدة بأن التغيير يبدأ من صناديق الاقتراع، لا من مقاطعتها.