• الموقع : وكالة عين شاهد .
        • القسم الرئيسي : مقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : " الثلث المعطل " الذي عطل تشكيل التيار الصدري سيقع وسيواجه نفس المشكلة التي وقع فيها .

" الثلث المعطل " الذي عطل تشكيل التيار الصدري سيقع وسيواجه نفس المشكلة التي وقع فيها

 

 

 

 

 

سالم حواس الساعدي

مع اقتراب موعد الانتخابات الذي لم يتبقَّ عليه سوى ""اثنين وثلاثين يوماً"" ، تقف الحكومة الحالية على أعتاب مرحلة انتقالية دقيقة، إذ سيحين موعد انتهاء ولايتها الدستورية لتدخل البلاد في طور تصريف الأعمال اليومية، وهو ما يعني من الناحية القانونية والدستورية سحب اليد التنفيذية من الحكومة ومؤسساتها عن كل ما يتصل بالتعيينات، والعقود، والقرارات ذات الأثر المالي أو السياسي الكبير، والاكتفاء بإدارة الشؤون الاعتيادية التي تضمن استمرار المرافق العامة دون تعطيل.

أولاً: البعد الدستوري والقانوني : 

تنص المبادئ الدستورية في العراق على أن الحكومة بعد انتهاء مدتها القانونية تتحول إلى حكومة تصريف أعمال، او تصريف امور يومية كما يسميها الدستور  على وفق ما أقرته المحكمة الاتحادية العليا في قراراتها السابقة التي فسرت هذه المرحلة بأنها “حكومة محدودة الصلاحيات لا تملك أن تُبرم عقوداً، أو تُعيّن موظفين او مسؤولين بدرجة مدير عام فما فوق، أو تصدر قرارات إستراتيجية تمس هيكل الدولة أو المال العام”.

وبالتالي، فإن كل القرارات التي صدرت في المدة الأخيرة، سواء كانت تعيينات أو تثبيتات أو تكليفات بالوكالة أو منح امتيازات مالية أو مناصب إعلامية أو استشارية، تعتبر فاقدة للسند الدستوري  إذا لم تصدر بموافقة الجهات الرقابية المختصة، أو لم تمر عبر المسار القانوني الصحيح. 

وهذا يفتح الباب واسعاً أمام المساءلة القانونية بعد الانتخابات، او قد لايفتح كما مرت مرور  الكرام للحكومات السابقة إذ يمكن إلغاء تلك القرارات أو الطعون بها باعتبارها صادرة خارج نطاق الاختصاص الزمني للحكومة.

ثانياً: البعد النفسي والاجتماعي : 

من الناحية النفسية، يعيش الوسط السياسي اليوم حالة قلق وارتباك داخلي تشبه تماماً المشهد الذي ساد في مرحلة :

 “الثلث المعطل” الذي أوقف تشكيل الحكومة السابقة. 

فحينها عطل البعض مسار الأغلبية الوطنية ورفض الشراكة المتوازنة، واليوم يجد هؤلاء أنفسهم أمام المشهد ذاته لكن بالعكس  إذ إن القوى التي كانت تمتلك أدوات التعطيل باتت هي التي تواجه""  التعطيل نفسه ""، وكأن القدر السياسي يقول لهم: كما تدين تدان.

إن هذه الحالة النفسية تعكس فقدان الثقة المتبادلة داخل القوى السياسية، وتُظهر أن كثيراً من القرارات لم تكن تُبنى على منطق الدولة، بل على منطق المكاسب الآنية والمصالح الحزبية، مما جعل من العمل السياسي ساحة تصفية حسابات لا ساحة بناء مؤسسات. 

ومع دخولنا مرحلة تصريف الأعمال، ستنكشف هذه الطبقات السياسية والإدارية التي بنت نفوذها على أساس الولاء لا الكفاءة.

ثالثاً: البعد الإداري والمؤسساتي : 

سيغادر مع الحكومة عشرات من المستشارين او مئات ،  والإعلاميين ، والسواق ، والحمايات،  والمدراء العامين،  ورؤساء الأقسام الذين جاءوا من بوابة النفوذ الحزبي، أو ممن لم تصادق على تعيينهم الجهات المعنية. 

هؤلاء سيجدون أنفسهم خارج المعادلة الإدارية فور انتهاء المدة القانونية للحكومة، لأن استمرارهم بعد ذلك يعد مخالفة صريحة لمبدأ الشرعية الوظيفية.

هذه المرحلة ستكون فرصة للدولة والحكومة القادمة لإعادة هيكلة المؤسسات على وفق الكفاءة والاختصاص، لا على وفق الولاء والانتماء، ولإعادة الاعتبار لمبدأ التنافس الوظيفي العادل الذي أهملته المحاصصة السياسية طويلاً.

رابعاً: البعد السياسي والدستوري للمفارقة : 

المفارقة الكبرى أن "" الثلث المعطل "" الذي كان سبباً في تأخير تشكيل حكومة الأغلبية عام 2022، سيكون اليوم أول من يعاني من ذات المعادلة الدستورية التي صنعها. 

فالوقت الذي استخدم فيه أدوات التعطيل صار خصماً عليه، بعد أن انقلبت الموازين السياسية، وتبدلت التحالفات، وتراجع نفوذ الأحزاب التي كانت تمسك بزمام الأمور.

وهكذا، يعود المشهد العراقي ليؤكد قاعدة دستورية وأخلاقية قديمة:

من يعطل إرادة الدولة سيتعطل هو دستورياً.

خاتمة وخلاصة ومستخلص فكري وقانوني ودستوري : 

نحن أمام لحظة مفصلية جديدة في تاريخ الدولة العراقية  لحظة إعادة التوازن بين الدستور والسياسة، بين الشرعية القانونية والشرعية الأخلاقية. 

فحين تنتهي الولاية، يرحل الجميع: الحكومة، المستشارون، المستفيدون، والذين اختبأوا وراء الكواليس، ويبقى فقط الدستور هو الحَكَم بين الجميع.

وإذا كانت التجربة السابقة قد علمتنا شيئاً، فهو أن ""تعطيل الدستور""  يرتد على معطّليه، وأن "" الثلث المعطل "" الذي عطل العملية السياسية سيقع في نفس الفخ، كما تدين تدان، دستورياً وسياسياً .

والمواد التي  تحكم تصريف الاعمال او تصريف الامور اليومية عند انتهاء ولايتها هي المواد 61، 64  من الدستور  ، والمادة 42 من النظام الداخلي لمجلس الوزراء .

ملاحظة :  كل دورة لدينا بيانات وتصريحات لوكالات الانباء ، وكأنها تتحقق هذه التصورات والتحليلات القانونية والدستورية ، والله اعلم في هذه الدورة القادمة والمقبلة  هل سنكون امام " ثلث معطل " يعّطل من عطله ممن سبقه  دستورياً   .

 


  • المصدر : http://www.ayn-shahid.com/subject.php?id=13076
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 10 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 10 / 18