فريد عبدالله
أصبحت مدينة "إيلات" الساحلية والسياحية الإسرائيلية في حالة شبه متوقفة بعد تصاعد الهجمات المتتالية بالطائرات المسيرة القادمة من اليمن، حيث أن تعطيل الرحلات الجوية وهروب المستثمرين والسياح قد شلّ اقتصاد المدينة.
فقد أعلنت مصادر إعلامية تابعة للاحتلال الإسرائيلي مساء الأحد عن حالة تأهب واسعة في مدينة أم الرشراش المحتلة (إيلات). وقد جاء هذا الوضع بعد اختراق طائرة مسيرة للمجال الجوي للمدينة؛ هذه المدينة التي تقع في أقصى جنوب فلسطين المحتلة وتعتبر واحدة من أهم المراكز السياحية والاقتصادية للنظام.ووفقًا لتقارير الإعلام العبري، دقت صفارات الإنذار في مناطق مختلفة من إيلات وأطلقت صواريخ الدفاع الجوي لمواجهة الطائرة المسيرة في السماء. ويبدو أن الطائرة المسيرة تمكنت من اختراق أنظمة الدفاع بنجاح وتعطيل أنظمة المراقبة، حيث أن صفارات الإنذار فُعّلت بعد دخول الطائرة المسيرة المجال الجوي للمدينة.الإغلاق المتكرر لمطار رامونأغلقت السلطات الإسرائيلية مطار إيلات في أعقاب هذا الحادث. واضطرت طائرة كانت في طريقها للهبوط في هذا المطار إلى العدول عن مسارها، بسبب الخوف من اصطدام أو استهداف محتمل. وقد أفادت مصادر إخبارية عبريّة عن سماع دوي عدة انفجارات في أطراف المدينة.كما أعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي أن فرق التخلص من القنابل واجهت شظايا ناتجة عن صواريخ الدفاع الجوي في عدة نقاط من المدينة. وهذا يدل على أن النظام أطلق عدة صواريخ اعتراضية لإسقاط الطائرة المسيرة.يحدث هذا في وقت كانت فيه جبهة الداخل الإسرائيلي منذ صباح اليوم نفسه في حالة تأهب. وجاء هذا التأهب بعد هجوم القوات المسلحة اليمنية على أهداف حساسة في القدس المحتلة، والذي نُفّذ بصاروخ باليستي فوق صوتي انشطاري. وقد أُعلن أن هذا الإجراء جزء من الدعم المستمر لليمن لأهالي غزة، وهو يعكس تصاعد نطاق وحدة العمليات التي تتحدى بشكل مباشر أنظمة الأمن التابعة للنظام.
مع تكرار هذه الهجمات وتوسعها الجغرافي، يعتقد المحللون أن كيان الاحتلال دخل مرحلة جديدة من التهديدات الجوية. فقد أصبحت المطارات والمدن الاقتصادية الرئيسية في مرمى الخطر، وهذا الأمر يزيد الضغط الأمني والعسكري على الكيان بشكل حاد.من منظور اقتصادي: استهداف إيلات يعصف باقتصادها السياحي والبحريمن الناحية الاقتصادية، أحدثت عمليات الاستهداف الأخيرة، وخاصة في مدينة إيلات، تداعيات كبيرة. فمدينة إيلات، باعتبارها واحدة من النقاط الاقتصادية والسياحية الرئيسية للنظام، تعتمد اعتمادًا كبيرًا على قطاعين رئيسيين: صناعة السياحة البحرية والفنادق، بالإضافة إلى الأنشطة المينائية والتجارية. ومع استمرار الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ على هذه المدينة، أصبح كلا الركيزتين الاقتصاديتين معرضتين للضرر.تشير التقارير إلى أن انخفاض السياحة من ناحية والاضطراب في عمل الميناء من ناحية أخرى، قد عرّضا الإيرادات الحيوية للمدينة للخطر. وسيكون الركود في قطاعات مثل المتاجر التجارية والمطاعم والنقل والوظائف الخدمية هو التداعِي المباشرة لهذه الظروف.وكتبت صحيفة "معاريف": إذا استمر هذا الوضع، فمن المحتمل أن يرتفع معدل البطالة وأن يهاجر العديد من السكان إلى المناطق الأكثر مركزية للعثور على فرص عمل. في مثل هذا السيناريو، ستصبح إيلات من الناحية الاقتصادية مدينة قليلة النشاط أو حتى "مدينة أشباح".
الإعلام العبري ينتقد الثغرات في الدفاع الجويفي غضون ذلك، تناولت وسائل الإعلام الناطقة بالعبرية أوجه القصور الواضحة في الدفاع الجوي للكيان أمام هذه الهجمات. وكتبت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن الطائرات المسيرة اليمنية، على الرغم من كونها من حيث التكلفة والتكنولوجيا على مستوى أدنى قياسا مع الصواريخ المتطورة، قد ألحقت خسائر فادحة بالنظام. وأكدت هذه الوسيلة أن التهديدات القادمة من اليمن لا تزال مستمرة ومدمرة وخطيرة، وقد تظهر حتى على المدى الطويل بشكل مميت.كما كتبت صحيفة "معاريف" أن سلاح الجو الإسرائيلي فشل للمرة الرابعة خلال الأيام القليلة الماضية في حماية سماء إيلات. وأشار هذا التقرير إلى أن المدينة أصبحت عمليًا "عارية" أمام الطائرات المسيرة اليمنية، مطالبًا بإجراء تحقيقات عاجلة حول ضعف أداء أنظمة الدفاع. خاصة فيما يتعلق بما إذا كان النظام قد نشر معدات دفاعية كافية، بما في ذلك الزوارق المجهزة بالرادار وأنظمة الاعتراض، في خليج العقبة وإيلات أم لا.
كما تحدث محللو هذه الوسيلة الإعلامية عن التقدم الملحوظ لليمن في الإنتاج المحلي للطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى، مؤكدين أن تجاهل قدرات اليمنيين كان خطأ إستراتيجيًا. خاصة وأن اليمنيين، مع تشديد الحصار، أصبحوا أكثر تصميماً على تطوير إنتاجهم الدفاعي.كما كتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقريرها أن الهجوم بالطائرة المسيرة الأخير بالقرب من فندق في إيلات كشف عن "نقائص مرعبة" في النظام الدفاعي للنظام. وكتبت الصحيفة أنه بعد أسبوع من الحادث الذي استهدف مدخل فندق جيكوب، وقع انفجار آخر بالقرب من مركز مول هايم التجاري، مما أدى إلى إصابة 50 شخصًا. وأصيب العديد من الجرحى بسبب زجاج النوافذ المحطم أو الشظايا.
عمدة إيلات: لا يمكن الاستهانة بهجمات اليمنيينفي هذا السياق، قال إيلي لانكري، عمدة إيلات، في مقابلة مع القناة 10 التلفزيونية الصهيونية، مشيرًا إلى أنه لا ينبغي الاستهانة بالتهديد الناجم عن هجمات اليمنيين، إن هذه الهجمات يمكن أن تشكل تهديدًا خطيرًا ليس لإيلات فحسب، بل لإسرائيل بأكملها. وأضاف أن مقارنة هذه الحوادث بحوادث المرور إجراء خاطئ وعواقب هذه الهجمات تتجاوز التصور الأولي.وأضاف لانكري أيضًا أن هدف قوات صنعاء من هذه الهجمات هو تعطيل الحياة الطبيعية والاقتصاد والسياحة في المدينة، ولا ينبغي التقليل من شأن هذه الهجمات. وشدد على أن كل هجوم من الهجمات الأخيرة كان يمكن أن ينتهي بكارثة أكبر بكثير. إيلات: من مركز تجاري إقليمي إلى شبه متوقفالميناء الجنوبي في الكيان، الذي كان سابقًا أحد النقاط الرئيسية في التجارة الإقليمية مع آسيا وأفريقيا، أصبح الآن في أعقاب الهجمات الدقيقة والمستمرة بالطائرات المسيرة والصواريخ التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية، خاصة في المياه الإستراتيجية للبحر الأحمر، خارج نطاق النشاط الاقتصادي عمليًا. إن الانخفاض الملحوظ في حركة السفن، وهبوط الإيرادات المينائية، والاضطراب في المسارات التصديرية، بما في ذلك نقل النفط عبر خط أنابيب إيلات- عسقلان، تدل على التأثير المباشر للإستراتيجية العسكرية-الاقتصادية اليمنية على المصالح العابرة للحدود لإسرائيل. هذا الميناء، الذي نظرا لموقعه الخاص، كان يُعتبر بديلاً لقناة السويس لاستيراد السيارات وتصدير المواد المعدنية والكيميائية، يواجه الآن ركودًا حادًا وانخفاضًا في وظيفته الإستراتيجية، ويصف المحللون الاقتصاديون وضعه بأنه دليل على هشاشة البنى التحتية الحيوية لإسرائيل أمام التهديدات منخفضة التكلفة ولكن المستهدفة.
من المنظور الاقتصادي، يمكن لاستمرار هذا الوضع أن يُخرج مدينة إيلات تمامًا من الدورة الاقتصادية الفعالة، ويؤدي إلى هجرة التجار، وانخفاض الاستثمار، وفقدان مكانة هذه المدينة كوجهة إستراتيجية للسياحة والتجارة البحرية. في الوقت نفسه، سيكون هذا الوضع رسالة تحذيرية لمراكز اقتصادية حساسة أخرى تابعة للكيان، حيث تزداد هشاشتها أمام التهديدات بالطائرات المسيرة.
|