د. محمود الهاشمي ||
مدير مركز الاتحاد للدراسات الاستراتيجية -بغداد
١-ان العدو الصهيوني تفهم -تماما-ان هذه المعركة(طوفان الاقصى ) تختلف عن اخواتها من حروبه مع المقاومة او مع الجيوش العربية الرسمية لانها (معركة وجود ) دفعت به الى مراجعة ادبياته القديمة بان (لاتدوم دولة لليهود ثمانين عاما )،
فوقع بين امرين الاول إنْ اعلن وقف اطلاق النار فان المقاومة منتصرةٌ لانها تفاوض بنفس ثوابتها التي بدأت بها ،والثاني ان استمر بالحرب فالى المزيد من الخسائر والعزلة الدولية ،ولما في ذلك من انعكاس على الداخل والخارج .
٢-ان اطالة امد المعركة ليس بسبب الحكومة اليمينية الصهيونية برئاسة نتنياهو وتمسكها بالسلطة ،ولكن خيارات اسرائيل لاتصب لصالحها وصالح مستقبلها لانها
هُزمت امام (غزة)فكيف تخطط ان تتسيد امن المنطقة كما تخطط ؟
٣-لوجاءت حكومة (معتدلة )او (يسارية )باسرائيل فماذا ستفعل ؟فان مالت للسلم عليها ان تفاوض المقاومة (خصمها )او مالت للحرب فان نتنياهو اكفاها هذا الامر ،وان
رضيت بحل الدولتين فقد عادت الى (مربع قديم )لم يعد ممكنا قبوله لامن قبل المستوطنين ولامن قبل الشعب الفلسطيني ..
٤-ان لجوء الجيش الصهيوني الى مهاجمة المدنيين في غزة الغرض منه (معادلة الردع)وهو خيار لم يغير من معادلة المعركة بل العكس جعل الكيان يعيش عزلة دولية ويخسر اصدقاءً وشعوبا ربما صدّقت رواياته يوما ،كما ان ادبيات الحرب تؤكد ان الجيوش التي تهاجم المدنيين تخسر المعركة .
٥-ان قياس اي معركة في الربح والخسارة ياتي عبر المقارنة بين بداياتها ونهاياتها ،حيث في السابع من اكتوبر (تشرين)عام ٢٠٢٣ بدأت حماس الهجوم وفاجأت الاجهزة الامنية الصهيونية وحققت انتصارا ملحوظا كشف عن هزالة الاستخبارات واجهزة الامن الاخرى للكيان وتكلل هذا الانتصار باقتياد عدد كبير من الاسرى الى داخل غزة فيما
وبعد مايقارب العامين على المعركة ،تزداد خسائر الجيش الصهيوني ويتعرض الى عدة محاولات لاسر جنوده ،بمعنى بدأت المقاومة المعركة بقتل عدد كبير من الجنود الصهاينة واسر اخرين وانتهت الى ذات النتيجة .
٦-فيما يزداد التذمر والهروب في الجيش الصهيوني وتتناقص الاعداد يزداد عدد مقاتلي المقاومة بغزة حيث التحقت افواج من الشباب الذي الفوا الحرب وعاشوا مأساتها واندفعوا للثأر الى اسرهم الذين اما ماتوا قتلا او جوعا او مرضا وهؤلاء ابلوا في المعارك الاخيرة والقتال من المسافة (صفر) واخر الاخبار ان العدو الصهيوني بات يسحب قواته من غزة تباعا لحجم الخسائر التي تلقاها والخشية من اسر جنوده .
٧-ان البيان الذي اصدره الازهر بشأن اهالي غزة ومأساتهم والتعاطف معهم رغم سرعة سحبه لكنه بمثابة انذار للكيان الصهيوني (إن لم توقفوا الحرب فان البيان سيصدر )
فيما بدأ الشارع المصري والاردني يغلي لوقف اطلاق النار وادخال المساعدات ،بمعنى ان طول امد المعركة بات يترك مفاعيله على الساحة العربية والدولية .
٨-كلما طال امد المعركة ازداد عدد المنتقدين لاسرائيل من اغلب القارات والداعين لنصرة فلسطين وشعبها مما شكل حرجا للولايات المتحدة واضرّ بسمعتها كثيرا وافقدها
شخصيتها في المجتمع الدولي فيما عبر عن خلاف لم تالفه العلاقة بين الولايات المتحدة واصدقائها الغربيين .
٩-ان التغيير بسوريا لايمكن المراهنة عليه على انه (انتصار لاسرائيل )رغم (الصدمة) التي تلقتها المقاومة ،لان الداخل السوري وتعقيد المشهد فيه وتداخل المصالح وثقافة المواطن السوري بالضد من التطبيع وضد مخططات الولايات المتحدة بالمنطقة .
١٠-اسرائيل كيان (هويته عسكرية )منذ ان دخل ارض فلسطين وان قياداته الذين بتعاقبون على ادارته هم من العسكر لذا فمن الصعب ان يتقبل (الخسارة العسكرية )
كمن يفقد هويته التي تاسس عليها .
١١-ان المقاومة في غزة خاضت (٥)خمس معارك مع العدو الصهيوني وطوفان الاقصى هي السادسة ،بمعنى ان المقاومة دخلت معاركها السابقة دون ادنى اسناد من اي محور اخر للمقاومة لذا فانَّ توقف الاسناد من لبنان والعراق وسوريا لم يغير من موقفها القتالي ومازالت تقاتل وتقتل وتفاوض بكل قوة وتنتصر .
-فشل الهجوم الاسرائيلي على ايران -رغم مشاركة اميركية غربية ودعم دول التطبيع والخليج -جعل الكيان في حيرة بين ان يستعد لمواجهة ايران التي تتقدم بسرعة في تحضيراتها ،وبين ادارة ملف غزة وبقية محاور المقاومة الذين مازالوا يطورون اليات عملهم واستعداداتهم وتاثيرهم على قرارات بلدانهم وبين تصاعد الاحتجاجات والمواقف ضد المجاعة في غزةوالابادة الجماعية ،ناهيك عن ملف سوريا الذي يزداد تعقيدا.
١٣-كلما طال امد معركة (طوفان الأقصى)كلما رفعت حماس من منسوب مطالبها حيث باتت تقرن العودة للتفاوض بملف دخول المساعدات الانسانية وكذلك بالضغط الجماهيري على دول المنطقة .
١٤-مساحة غزة 365 كم² وهي اكثر مدينة مزدحمة بالعالم ويبلغ عدد سكانها ٢مليون ونصف المليون نسمة استطاعت المقاومة ان تنشيء تحت غزة مدنا من الانفاق مساحتها تفوق مساحة غزة (٥٠٠)كم٢ لتشكل عمقا سوقيا لها فالانفاق مزودة بكل وسائل الاتصال والبنى التحتية والخرسانة والمصانع والورش وفيها مسالك وممرات لايعرفها سوى اهلها ،لذا فان الجيش الصهيوني عجز من الولوج لها وبات محشورا بين السكان المدنيين ، وبين ركام المباني التي هدمها وبين ملاحقة المقاومة .
١٥-تحولت الابادة الجماعية التي يتعرض لها اهالي غزة الى (راي عام )وبات العالم لايرى اسرائيل وزعماءها سوى ثلة مجرمة وصولا الى الرئيس الاميركي ترامب الذي عُرٍفَ عن ثقته بادارة حكومة اسرائيل حيث قال “بناءً على ما أراه في التلفزيون، أقول أن هؤلاء الأطفال يبدون جائعين جدا”، مضيفا “هذا مجاعة حقيقية، أرى ذلك، ولا يمكن تزويره”. وهذا يدل على ان الاعلام كان له دور في فضح الاكاذيب الصهيونية .
١٦-كانت المقاومة الفلسطينية قبل -ان تنشأ المقاومة الاسلامية المدعومة من الجمهورية الاسلامية – مجرد فصائل عسكرية في البلدان المجاورة للارض المحتلة متى شاء الحاكم اخرجها ،لكن بعد الثمانينات ونشوء حزب الله بلبنان والفصائل الاخرى تحولت الى مشروع سياسي ديني عسكري حيث دخلت جميعها في العملية السياسية في دولها وباتت رقما سياسيا ايضا يفرض وجوده وشخصيته كما باتت تملك مصانع وورشا لصناعة الاسلحة المتطورة وبيئة اجتماعية حاضنة لها ،وهذا ماصعب المهمة على العدو الصهيوني في قتاله معها .
|