يشهد إقليم كردستان تصاعداً في حالة السخط الشعبي نتيجة استمرار أزمة الرواتب، على الرغم من الاتفاقات المتكررة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم، والتي لم تسفر عن نتائج ملموسة تنعكس إيجاباً على الأوضاع المعيشية للمواطنين.

وعلى مدى السنوات الماضية، جرت تفاهمات عدة بين الطرفين بشأن تسليم إيرادات النفط وبيعه عبر شركة التسويق العراقية (سومو)، إضافة إلى الالتزام بقانون الموازنة العامة. ومع ذلك، لم تؤدِ هذه الاتفاقات إلى تحسين ملموس في أوضاع موظفي الإقليم، ما أدى إلى تراجع ثقة المواطنين بالحكومة المحلية والمؤسسات الحزبية الحاكمة.

وفي هذا السياق، أفاد سامان علي، عضو لجنة تنسيقية اعتصام معلمي السليمانية، أن قوات الأسايش نفذت خلال الأيام الماضية حملة دهم وتفتيش في عدد من مناطق محافظة السليمانية، أسفرت عن اعتقال نحو 100 ناشط من المشاركين في اعتصام المعلمين. وأضاف أن المعتقلين كانوا يعتزمون تنظيم تظاهرة جديدة للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة، مشيراً إلى فرض الإقامة الجبرية على عدد من الناشطين ومنعهم من الإدلاء بتصريحات إعلامية حول الأوضاع الراهنة في الإقليم.

من جانبه، أشار الباحث في الشأن السياسي قاسم محمد التميمي إلى أن الاتفاقات السابقة بين بغداد وأربيل لم تُنفذ بشكل كامل من جانب حكومة الإقليم، إلا أن الوضع الراهن يختلف في ظل اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، ما قد يشكل ضغطاً على الأحزاب الكردية التي تواجه انتقادات بسبب عدم قدرتها على تلبية مطالب المواطنين. واعتبر التميمي أن الاتفاقات الأخيرة بشأن تصدير النفط وتوحيد الإيرادات قد تُستخدم كورقة انتخابية تهدف إلى استعادة ثقة الناخبين.

وفي سياق متصل، أوضح النائب السابق محمد البياتي أن العديد من مناطق الإقليم، بما فيها السليمانية وحلبجة ودربندخان، تعاني من عدم انتظام صرف الرواتب رغم تأكيد وزارة المالية الاتحادية تحويل الأموال إلى حكومة الإقليم. ولفت إلى وجود إشكالات تتعلق بقاعدة بيانات موظفي الإقليم، حيث لم تُدرج أسماء عدد كبير من العاملين ضمن سجلات وزارة المالية، مما يعرقل تنظيم عملية الصرف ويثير مخاوف بشأن الشفافية في توزيع الرواتب.

ويطالب مواطنو الإقليم بإجراءات فعلية لحل أزمة الرواتب وتطبيق الاتفاقات مع الحكومة الاتحادية بما يضمن العدالة في توزيع الثروات، وتحقيق قدر أكبر من الشفافية والحوكمة في إدارة الموارد المالية.